(ما هو الإيمان؟):
  فهو مؤمن شرعاً؛ لأنه قد أتى بحقيقة الإيمان الشرعية. واجتناب المحرمات وفعل الواجبات خارج عن الإيمان، ولا يدخل في ماهيته، وسيأتي إبطال قولهم هذا قريباً إن شاء الله تعالى، وكل هذه الأقوال المخالفة لما عليه أئمتنا $ والجمهور من غيرهم محافظة على قواعد الإرجاء، وإلى الله المصير.
  وإذ قد فرغنا مما يلزم تقديمه من معرفة الحقيقة والمجاز، ومعرفة الحقيقة الدينية من غيرها فلنعد إلى المقصود.
  فإذا قيل لك: من المؤمن؟ (فقل: المؤمن) في الشرع وهو المراد بقولنا: الحقيقة الشرعية أو الدينية (من أتى بالواجبات، واجتنب المُقَبَّحَات) وهو مشتق من الإيمان.
(ما هو الإيمان؟):
  وهو عند أئمتنا $، وحكاه في الأساس عن جمهور المعتزلة والشافعي وبعض الخوارج: الإتيان بالواجبات واجتناب المحرمات، وهو قول البخاري وغيره من أهل الحديث، قال القسطلاني: وهو موافق لقول السلف: اعتقاد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالأركان، قال: وأرادوا بذلك أن الأعمال شرط كماله.
  قلت: بل مرادهم أنها شطر حصوله، وإنما ذلك منه ليرد مذهب السلف إلى مذهب الأشعرية، وحكاه النووي في شرح مسلم عن الخطابي والبغوي الشافعي، ومحمد بن إسماعيل التميمي شارح البخاري. وقال ابن بَطَّال المالكي شارح البخاري أيضاً: مذهب جماعة من أهل السنة من سلف الأمة وخلفها أن الإيمان قول وعمل، وحكى عن عبد الرزاق يعني الصنعاني |: سمعت من أدركت من شيوخنا وأصحابنا: سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وعبيد الله بن عمر(١)، والأوزاعي، ومعمر بن راشد، وابن جريج، وسفيان بن عيينة يقولون: الإيمان قول
(١) في شرح البخاري لابن بطال: وعبد الله بن عمر.