الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

(ما هو الإيمان؟):

صفحة 457 - الجزء 2

  كبيرة حتى يكون فيها الوعيد بالنار أو يكون فيها حد أو لفظ عظم أو كبر، والله أعلم. وهذان القولان هما المرادان بقول الإمام #: وبعض الخوارج، وهما في المعنى بالنظر إلى حد الإيمان راجعان إلى قول أئمتنا $: إنه الإتيان بالواجبات واجتناب المحرمات، لكن فيهما زيادة التعرض لمن خالف وعصى، وقد أريناك أن هذا أمر وراء الكلام على نفس الإيمان، وأنه لا وجه لجعل هذين القولين في شأن العاصي موجباً للتعداد في حد الإيمان.

  القول الرابع: قول النجدات من الخوارج: هو الإقرار بالله وبكتبه وبرسله، وترك الفعل المحرم عقلاً. هذه عبارة الأساس. وعبارة القلائد: هو الإقرار باللسان والمعرفة بالله الخ. والفرق بينهما أن على مقتضى عبارة القلائد أن الإقرار باللسان وحده غير كاف حتى تضم إليه المعرفة بالقلب، بخلاف عبارة الأساس فظاهرها أن ذلك كاف، والله أعلم.

  القول الخامس: قول الكرامية من المجبرة: هو الإقرار باللسان فقط. قال في شرح الأساس: وظاهر قولهم أنه لا يشترط مطابقة اللسان للجنان، فيلزمهم أن المنافق مؤمن، ولا قائل به، وأن لا يكون الأخرس مؤمناً، وهو معلوم البطلان.

  القول السادس: قول الجهمية من المجبرة وبشر المريسي من المعتزلة: بل هو المعرفة فقط من دون تصديق ولا عمل. قال في شرح الأساس: قلنا: فيلزم فيمن عرف بقلبه ولم يقر بلسانه أن يكون مؤمناً، ولا قائل به.

  قلت: ولهم أن يقولوا: مسلم ومنع أن لا قائل به، فالأولى في إبطال هذا القول أن يقال: فيلزم فيمن يرى المعجزات، وعلم صدق ما جاء به الرسول ÷، ولم يدخل في دينه ويتبرأ من سائر الأديان أن يكون مؤمناً، ولا قائل به.

  القول السابع: قول محمد بن شبيب من مرجئة المعتزلة: الإيمان: هو الإقرار بالله ورسوله باللسان - يعنى الشهادتين - والمعرفة بذلك بالجنان - يعنى لا يكون النطق بهما على جهة النفاق - والمعرفة بما نص عليه أو أجمع عليه، لا ما استخرج بالنظر أو استنبط بالاجتهاد.