الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[العالم محدث]

صفحة 107 - الجزء 1

  فأوله مشبهٌ آخره ... وبينهما في اختلاف أتم

  وتسييره ثم تقديره ... منازل للوقت كانت عَلَم

  وتلك الجبال لها عدة ... لئلا تميد بتلك الأُمم

  وفيها اختلاف لأحجارها ... خواصاً ولوناً وضخم الجِسَم

  وفيها ثمارٌ أعدت لنا ... على كل صنف وطعم وشَم

  وفي البحر حوت على أصنافه ... وكم حلية فيه كي تُغتنم

  وماء السما على أنواعه ... وهيئاته وقته ملتزم

  ففي الصيف مقدار حاجاتنا ... إليه ومن بعد جحر ألم

  ومن بعد يأتي على نسقٍ ... لإحياء زرع لتلك الأمم

  هنيئاً مريئاً إلى تارة ... وفي تارة مفزعا ذو ألم

  ومن بعد يقطعه حكمة ... لإيناع أثمارنا تصترم

  وفي تارة بَرَدٌ نازل ... وفي تارة رحمة بالديم

  وكم في السحاب وهيئاته ... دلائل صدق على ذي القدم

  وفي الريح كم تلق من عبرة ... وأنواعها أربعٌ في القِسَم

  شمال بشام صبا مشرقاً ... جَنُوبٌ دَبُورٌ بعكس أتم

  وكم نعمة في وجود لها ... وقد تأت بالعكس قصد النقم

  وفي الطير كم تلق من آية ... وأصنافه ليس تحصى بفم

  وفي كل صنف ترى نغمة ... خلاف أخيه ترى كم وكم

  وفي بعضها كل لون أتى ... وبعض على واحد منتظم

  وفي قبضها في السما عبرة ... تطير بأجناحها لا القدم

  وفي نسلها خالفت غيرها ... من الحيوان وتلك الأمم

  فسبحان من كَوَّن الكائنات ... وأوجدها بعد محض العدم