الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[من أسماء المؤمن]

صفحة 473 - الجزء 2

  والثاني: أخص: وهو مرادف الإيمان، قال في الأساس: وكل على أصله - يعني في حقيقة الإيمان، فعندنا أنه الإتيان بالواجبات واجتناب المحرمات، فمن كان كذلك يسمى مسلماً بالمعنى الأخص، فهو بهذا المعنى اسم مدح مرادف للإيمان، وهو المراد في المختصر.

  والدليل على استعمال الإسلام في المعنيين:

  أما الأول: فلأنه استعمال اللفظ في معناه اللغوي، والشرع ورد مقرراً له، وهو الاستسلام والانقياد.

  وأما الثاني: فلأنه من أسماء المدح والتعظيم، والفاسق لا يستحق مدحاً ولا تعظيماً، ولأنا وجدنا الشارع استعمله في مواضع لا يصلح لها إلا أن يكون بمعنى المؤمن، نحو قوله ÷: «المسلم من سلم الناس يده ولسانه»، ولقوله ÷: «لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة»، بعد قيام الأدلة القاطعة أن الفاسق لا يدخلها إلا إذا تاب، ولقوله تعالى حكاية عن إبراهيم #: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}⁣[الأنعام ١٦٣] أي: المنقادين الآتين بالواجبات المجتنبين المحرمات، وقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ}⁣[آل عمران ١٩]، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ}⁣[آل عمران ٨٥].

  ومما يدل على استعماله ووروده في الشرع للمعنيين المذكورين أنا تعبدنا بأحكام وشرائع:

  منها: ما يعم المؤمن والفاسق، نحو قولنا: يشترط في الذابح الإسلام، ونحو: الصلاة والصوم واجبان على كل مسلم، وكثبوت المناكحة والموارثة والقبر في مقابر المسلمين.

  ومنها: ما يخص المؤمن فقط، نحو: تجب الصلاة على المسلم، ويجب غسله ومحبته وموالاته؛ إذ قد ثبت أن هذه الأحكام تخص المؤمن و إن كان في الأولين خلاف، (و) كذلك يسمى (تَقِيَّاً وزكِيَّاً وَبَرَّاً وَوَلِيّاً وَصَالِحاً) ودَيِّناً، ومُحْسِناً،