(ما هو الإيمان؟):
  الكافر ليس العموم على إطلاقه كما عرفت. (وبغضه) محرم أيضاً، وهو الحقد عليه بالقلب، وإغضابه، وهو إيقاعه فيما يغضب لأجله من الأذية، (وتحظر قطيعته وغيبته) من الحظر بالظاء المشالة بواحدة من أعلى أي: تحرم، قال تعالى: {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا}[الإسراء ٢٠]، والقطيعة: المقاطعة، وهي الهجر وقطع السلام والمزاورة عداوة له، وإلا فليس ذلك بواجب حتى يكون تركه محظوراً. وأما الغيبة فهي محرمة من المحرمات القطعية، وهي أن تذكره بما يكره، قيل: بما لا ينقصه في دينه. والأولى تبقيته على ظاهره. قوله: بما لا ينقصه في دينه، يعني: يجعل ذلك(١) ذريعة إلى ذم الإنسان وسبّه، والحال أنه لا ينقصه في دينه، وذلك الغيبة. وقيل في حدها: مما ينقصه في دينه. يعني تذكره بما يقتضي تنقيصه في دينه، والحال أن ذلك كذب عليه. والسنة وردت بما يفيد المعنيين معاً، قال ÷: «أتدرون ما الغيبة؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «إذا ذكرت أخاك بما يكره فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته»، أخرجه أبو الليث السمرقندي في تنبيه الغافلين عن أبي هريرة مرفوعاً. قوله: «فقد بهته» يعني: قلت فيه بهتاناً، قال أبو الليث: ولهذا قلنا: والأولى تبقيته على ظاهره.
  قال #: (وهو إجماع أيضاً) أي: كما وقع الإجماع على تسمية المؤمن بالأسماء المذكورة، وعلى وجوب موالاته فقد وقع الإجماع أيضاً على تحريم معاداته وبغضه وقطيعته وغيبته. ثم عقد # ضابطاً لما يجب من حق المؤمن بقوله: (ومضمون ذلك) أي: جميع ما ذكرنا من حق المؤمن يعود إلى وجوب موالاته، وهي (أن تحب له ما تحب لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك) حسبما مر تحقيقه، (وبذلك) أي: وجوبه للمؤمن (وردت السنة) على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم، من ذلك ما أخرجه المرشد بالله # في أماليه عن
(١) لم يفسر في شرح الأزهار قوله: بما لا ينقص دينه كما فسره هنا.