الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[إذا علمنا أن للعالم صانعا مختارا فهل العلم بصفاته ضروري]

صفحة 109 - الجزء 1

  وصح لنا أن إيماننا ... بخالقنا ثابت ملتزم

  وإن نازع الفيلسوف الشقي ... فصارمنا باتك إن كَلَم

  فحمداً لمن كان تأييده ... لنا عاصماً عن مَزَلِّ القَدَم

  وصلى وسلم ربي على ... شفيع الملا يوم بعث النسم

  مع الآل والصحب أتباعهم ... ذوي الفضل والدين أهل الكرم

[إذا علمنا أن للعالم صانعًا مختارًا فهل العلم بصفاته ضروري]:

  تتمة:

  اعلم - وفقك الله وإيانا - أنا إذا علمنا أن للعالم صانعاً مختاراً فالعلمُ بكونه قادراً عالما حيًّا موجوداً ضروريٌّ لا يحتاج إلى استدلال؛ لأن من المعلوم البديهي أن الفعل يستحيل ممن ليس كذلك. وقد ذهب بعض علمائنا - رحمهم الله تعالى - إلى أنَّ العلمَ بذلك استدلالي لا ضروري، فيفردون لكل واحدة من تلك الصفات دليلاً مستقلاً، ومنهم المؤلف # والإمام المهدي والمنصور بالله $ والقرشي صاحب المنهاج. والأول هو قول الجمهور، وهو الصحيح.

  وتحقيق المسألة أن يقال: إن كانت الأدلة الدالة على حدوث العالم وإثبات صانعه اقتضت أنه فاعل مختار فلا شك أن العلم بكونه قادراً عالماً حيًّا موجوداً ضروري لا يحتاج إلى الاستدلال، وإن كانت إنما دلت واقتضت ثبوت مؤثر فذلك لا يقتضي العلم الضروري باتصافه بتلك الصفات، فلا بد لكل واحدة منها مِن دليل مستقل، لكن الاستدلال على إثبات الصانع، وتصدير المسألة بقولِهم: «إثبات الصانع» وقولهم في أكثر مؤلفاتهم في نهاية الكلام عليها: «فثبت أن للعالم صانعاً مختا راً» - يُنَافِي ذلك، ويقضي أن العلم بتلك الصفات ضروري بعد تقرير أدلة إثبات الصانع المختار.

  قالوا: إذا كانت الذات لا تُعلم إلا استدلالاً فصفتُها بالأَوْلى ألَّا تُعلم إلا