الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: في الكفر]

صفحة 479 - الجزء 2

  فتذكرا ثقلاً رثيداً بعدما ... ألقت ذُكَاءَ⁣(⁣١) يمينها في كافر

  ومنه قوله تعالى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ}⁣[الحديد ٢٠]، ومنه سمي الكافور كافوراً؛ لأنه يستر ما يكون على الميت من النتن، وقيل للبحر: كافراً؛ لستره ما تحته، وقيل للكفارة: كفارة؛ لسترها إثم الحنث. وتكفير الذنوب: سترها بالعفو عنها لزيادة الحسنات أو التوبة.

  وهو في عرف اللغة: الإخلال بالشكر، قال عنترة:

  نُبِّئْتُ عَمراً غيرَ شَاكِرِ نِعْمَتِي ... والكفرُ مَخبثةٌ لنفسِ المُنْعِم

  سمى الإخلال بشكر نعمته كفراً. واختلف في حقيقته شرعاً: هل نقل عن معناه الأصلي والعرفي إلى معنى آخر مخصوص، أم هو باق في معناه اللغوي أو العرفي فأطلق على الكافر ذلك لما كان ساتراً للآيات والأدلة الدالة على الله تعالى وتوحيده وأنبيائه ونعمه، أو لكونه مخلاً بشكر نعمه تعالى، فهو استعمال اللفظ في معناه اللغوي أو العرفي من دون نقل إلى معنى آخر شرعي كنقل الصلاة ونحوها فذهب الجمهور إلى أنه قد نقل إلى معنى آخر شرعي، وهو الصحيح كما سيأتي، وقال شارح الأساس قدس الله روحه: إنه لم ينقل عن معناه اللغوي العرفي، بل هو باق فيه، وهو الإخلال بالشكر، ونسب ذلك إلى من أجاز تسمية الفاسق كافر نعمة كالناصر # وأتباعه.

  ثم اختلف القائلون بالنقل، فقال الإمام القاسم بن محمد @ في الأساس: إنه أي: الكفر ارتكاب عصيان لله تعالى مخرج لمرتكبه عن ملة الإسلام.

  وقال الإمام المهدي #: بل هو اسم لما يستحق عليه أعظم العقاب.

  وكلا الحدين باللازم، فلا يكونان معرفين بالذات، فالأَوْلَى في حده أن يقال: هو جحد الصانع ø أو شيء من صفاته التي يمتاز بها عن غيره أو الجهل


(١) ذُكاء بالضم عير مصروف: اسم للشمس معرفة لا تدخلها الألف واللام. (صحاح).