الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: لا تكفير ولا تفسيق إلا بدليل قطعي]

صفحة 485 - الجزء 2

  وعلا، أو المقتضي إنكار شيء من صفاته الواجبة له، ككونه قادراً عالماً حياً قديماً، أو مشابهته لخلقه، أو اعتقاد كذب نبي أو نحو ذلك، فإنه أعظم من القول في اقتضائه الكفر؛ لأن القول إنما كان كفراً لدلالته على الاعتقاد الكفري؛ بدليل أنه لا يكون كفراً من المكره والحاكي.

  وأما الفعل: فالذي يدل على أنه يقع الكفر به إجماع المسلمين على كفر قاتل النبي عمداً، بل من خرج عليه.

  وأما الجهل بالله تعالى وما يجب له من الصفات والعدل وصدق النبي ÷، فإن كان مركباً كأن يعتقد نفيه تعالى أو ما يجب له من الصفات أو يضيف العالم أو شيئاً من أجرامه أو أعراضه الضرورية إلى غيره تعالى فقد دخل في قسم الاعتقاد، وإن كان بسيطاً بأن لم يعلم حدوث العالم ولا ثبوت الصانع ونبوة النبي مع التمكن من ذلك فالذي يدل على كونه كفراً إجماع المسلمين على كفره وأنه خارج عن الإسلام.

[مسألة: لا تكفير ولا تفسيق إلا بدليل قطعي]:

  مسألة: ولا تكفير ولا تفسيق إلا بدليل قطعي، لأن الظن لا يغني من الحق شيئاً، ولأن في التكفير إضراراً بالغير؛ لما يلزم معه من المعاداة، وجواز السبي، والقتل للنفس، والانتهاب للمال، وإحرام الميراث، وفسخ نكاح مختلفي الملة، ونحو ذلك من الاضرارات، وأصل الضرر القبح عقلاً، فلا يباح إلا بدلالة قطعية لا ظنية.

  لا يقال: هذا منقوض بأنكم أوجبتم العمل بشاهدين على الكفر وبالإقامة في دار الكفر، فحكمتم بكفر من شهد عليه بالكفر أو كان مقيماً في دار الكفر لا لعذر، وكلاهما إنما يفيدان الظن بكفر المشهود عليه أو المقيم لا العلم.

  لأنا نقول: قد دل الدليل القطعي على وجوب العمل بالشهادة والحكم بكفر