الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

(فصل:) في الكلام في حقيقة الكفر وأحكامه، ومسائل التكفير وأقسامه

صفحة 488 - الجزء 2

  حاكماً، وعدم الكفاءة للمؤمن، ومعاداته، والبراءة منه، وجواز لعنه، وغير ذلك. وقد تمحلوا للجواب بأن قالوا: إن هذه الأحكام ليست لأجل الفسق، بل شرعها الشارع في حق الفاسق لما يتعلق بها من مصالح المسلمين، فيقال: وكذلك الأحكام المتعلقة بالكافر، فما أجابوا به فهو جوابنا.

  وأما الطرف الثاني: فلا خلاف يعلم بينهم أنه يجوز أن يفعل المكلف ما هو كفر ولا يطلعنا الله تعالى عليه؛ إذ لا وجه يقتضي وجوب أن يطلعنا الله عليه.

  فإن قيل: بل لإجراء تلك الأحكام عليه.

  قلنا: تلك الأحكام لا تلزمنا في حقه إلا إذا علمنا كفره، فمن أين الدليل أنه يجب على الله تعالى أن يعلمنا بكفره، بل من الجائز أن المصلحة في ستره ومعاملته معاملة المسلمين؛ ليكون أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الأياس وعدم الفلاح، وهذا لا إشكال فيه، ومنه تؤخذ تقوية قول المؤيد بالله # ومن معه في الطرف الأول، بأن يقال: من الجائز أن لا يدل أن المعصية الفلانية كفر⁣(⁣١) بل المصلحة في تحريمها وعدم النص والدلالة على كونها كفراً؛ ليكون مرتكبها أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الأياس وعدم الفلاح.

  لا يقال: فيلزم ذلك في كل كفر؛ إذ ما من معصية على هذا إلا ويجوز أن المصلحة في عدم الدلالة على كونها كفراً.

  لأنا نقول: أما ما قد نص الشارع أو أجمع على كونه كفراً فلا شك أن المصلحة في النص عليه، وإنما كلامنا فيما لم ينص عليه أو لم يجمع عليه، فيُجَوَّز أن المصلحة في عدم الدلالة على كونه كفراً، والله أعلم.


(١) في المخطوط: كفراً.