الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: في جملة أصول الدين]

صفحة 492 - الجزء 2

  وأما الجواب الثاني فلما فيه من إنكار نقل حقيقة الكفر عن معناه اللغوي وهو التغطية أو الإخلال بالشكر، وقد علم أن الشارع قصره على تغطية مخصوصة وإخلال مخصوص، وأنهما لم يبقيا على إطلاقهما في أصل اللغة وعرفها في كل تغطية أو إخلال بشكر، وإلا لزم أن من أنكر صنيعة أو معروفاً من أخيه المؤمن أو غيره أن يكون كافراً شرعاً لتغطيته إياها أو إخلاله بشكرها، وذلك معلوم البطلان، فتأمل.

  وقد خالف بعض الخوارج فقالوا: بل يصير المكلف كافراً بفعل أي كبيرة كالزنا وشرب الخمر ونحو ذلك.

  لنا: الإجماع على معاملة النبي ÷ ومن بعده من الأئمة والخلفاء على عدم معاملة الزاني وشارب الخمر ونحوهما معاملة الكفار.

[مسألة: في جملة أصول الدين]:

  مسألة: اعلم أنه قد تقرر بضرورة الدين جملة لا يمكن أحداً⁣(⁣١) من المسلمين إنكارها، ولم يخالف فيها أحد منهم، وهي: أن العالم محدث، وأن له صانعاً، وأنه قادر، عالم، حي، سميع بصير، قديم، واحد لا ثاني له، لا يشبه الأشياء ولا تشابهه، غني لا تجوز عليه الحاجة ولا صفات النقص، وأنه عدل حكيم لا يظلم ولا يفعل الكذب ولا العبث ولا السفاهة، وأن محمداً ÷ نبي صادق ورسول حق، وجميع ما جاء به حق ثابت لا باطل ولا مرية فيه.

  فهذه جملة أصول الدين، ولا خلاف بين المسلمين في كفر من خالف في شيء من هذه الجملة قولاً واعتقاداً؛ فلهذا لم يقع اشتباه ولا خلاف في كفر الفرق الخارجة عن الإسلام، كالمعطلة والدهرية والفلاسفة واليهود والنصارى والمجوس وعباد الأصنام وسائر المشركين، وإنما وقع الاشتباه والاختلاف في


(١) في المخطوط: أحد.