الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

(فصل:) في الكلام في حقيقة الكفر وأحكامه، ومسائل التكفير وأقسامه

صفحة 496 - الجزء 2

  أهل القبلة ومن أهل الصلاة لا ينتمون إلى غير الإسلام، فمن لم يُكَفِّر المجسمة والمجبرة وغيرهما من السبع الفرق المذكورة نَظَرَ إلى أن ذلك تكفير باللازم، واللازم قد يتطرق إليه الاحتمال كما ذكرنا، وجعل تكفير من رد ما علم من الدين ضرورة ونحوه مما ذكر راجع إلى التكفير بالصريح؛ لأنه داخل ضمناً في الجملة المذكورة؛ إذ من جملتها تصديق النبي ÷ في كل ما جاء به ضرورة، وأن قتل النبي وسبه كفر، وهذا لم يصدقه ÷ فيما جاء به، أو فعل ما هو كفر وهو القتل أو السب للنبي، فيجب أن يكون كافر تصريح لا كافر تأويل ولا باللازم. ومن كَفَّرَهَم نَظَرَ إلى أن مقالاتهم تؤول إلى الكفر الصريح؛ لأن القول بالتجسيم يؤول إلى القول بالتشبيه المذكور في تلك الجملة: أن الله تعالى لا يشبه الأشياء ولا تشابهه، والقول بالجبر وأن الله خلق أفعال العباد وأرادها منهم مع ما فيها من الظلم والكذب والعبث وسائر القبائح يؤول إلى القول بنفي العدل والحكمة، ووصفه بالظلم والكذب والعبث وسائر القبائح، ويلزم معه أنه ظالم وكاذب وعابث وفاعل قبيح لزوماً لا احتمال لعدمه ولا انفكاك عنه، وقد قدمنا أن اللزوم متى كان كذلك فدلالته قطعية، وهذا كله بناء على أن ما يؤول إلى الشيء أو يلزمه لزوماً غير منفك عنه فهو من الشيء.

  والحق أنه ليس منه وإن آل إليه، وإلا لزم أن النطفة إنسان، وأن العصير خمر، وأن الحيوان ميت؛ لأولِ كل من هذه الأشياء إلى ما ذكر.

  وإذ قد نجز الغرض مما يلزم تقديمه من المسائل المتعلقة بالتكفير على الجملة فلنعد إلى شرح ألفاظ الكتاب وذكر مسائله مفصلة، وقد جمع المؤلف # في هذا الفصل كفر التصريح وكفر التأويل، وسنُنَبّه إن شاء الله تعالى على كل مما ذكره # من أي القسمين هو، ونجعل لكل فرقة من فرق الكفر مسألة على حدتها وبحثاً مستقلاً؛ ليكون الكلام أقرب إلى أخذ مطلوب الطالب.