الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: من هو الكافر؟]

صفحة 498 - الجزء 2

  الفرقتين المذكورتين بقوله: «من لم يعلم له خالقاً»، وذلك بأن لا يُثْبِت للعالم مؤثراً أصلاً، ومثلهم في نفي الخالق من أقر بالمؤثر لكن يزعم أنه مُؤَثِّر بالإيجاب والذات لا بالاختيار، وهم الفلاسفة والدهرية والطبائعية والمنجمة، فالفلاسفة قالوا: المؤثر فيه علة قديمة، والدهرية: الدهر، والطبائعية: الطبع، والمنجمة: النجوم، وقالوا: العالم قديم غير مُحدَث؛ لقدم المُؤَثِّر فيه، فأشار # إلى تكفيرهم جميعاً بقوله: (أو لم يعلم شيئاً من صفاته التي يتميز بها عن غيره) كان حق العبارة أن يقال: أو جهل شيئاً من صفاته الخ؛ لئلا يلزم أن لا يكفر من علم شيئاً منها وجهل غيره من سائر صفاته تعالى، ففي العبارة تسامح. قوله #: (من كونه قادراً لذاته، عالماً لذاته، حياً لذاته) بيان للصفات التي يمتاز ويتميز بها عن غيره، وهي كونه قادراً لذاته، عالماً لذاته، حياً لذاته، وقَيَّد هذه الثلاث بكونها لذاته يحتمل أنه # أراد بذلك بيان وجه الامتياز؛ لأن غيره تعالى من الخلق الحيوان قادر حي، وقد يكون عالماً كالمكلف، لكن لا لذاته، بل لقدرة وحياة وعلم يخلقها الله تعالى لهم، وهذا المحمل لا بد من إرادته. ويحتمل أنه أراد معه الإشارة إلى تكفير من يقول: إنه تعالى قادر وعالم وحي لا لذاته، بل لمعان قديمة هي القدرة والعلم والحياة وهي غيره كما تقوله الكُلاَّبِيَّة، أو لا توصف بقدم ولا حدوث كما يقوله (النجارية)⁣(⁣١)، أو ليست إياه ولا غيره وهي قديمة كما تقوله الأشعرية، وتميزه سبحانه وتعالى عند هؤلاء بقدم هذه المعاني له تعالى وحدوثها لغيره، أو بوجوبها له تعالى وجوازها لغيره، أو بذاته سبحانه وتعالى، أو بقدمه، فالاعتباران الأولان⁣(⁣٢) باطلان قطعاً؛ إذ لا ثبوت لتلك المعاني عند جميع العدلية؛


(١) بعد هذا القول يوجد بياض في المخطوط، وفي حاشية في هامش مختصر الكاشف الأمين: نسبه إلى النجارية، وقال في آخر الحاشية: انتهى من الأم.

(٢) وهما: تميزه تعالى من غيره بذاته أو بقدمه. (منه ¦).