الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

(فصل:) في الكلام في حقيقة الكفر وأحكامه، ومسائل التكفير وأقسامه

صفحة 499 - الجزء 2

  لمنافاتها التوحيد، ولزوم الحاجة إليها. والاعتباران الأخيران⁣(⁣١) صحيحان. وأشار # بقوله: (ونحو ذلك من صفاته المتقدمة) إلى سائر الصفات التي مر ذكرها في باب التوحيد: من كونه قديماً، سميعاً بصيراً، غنياً، لا يشبه الأشياء ولا يجوز عليه ما يجوز عليها، واحد في ذاته ولا ثاني له سبحانه وتعالى، (فمن جَحَدَ شيئاً من ذلك أو شَكَّ) فهو كافر.

  أما الجاحد فكفر صريح. وأما الشاك فينبغي أن يُفَصَّل فيه: فإما أن يكون قائلاً بالشهادتين وشك في كونه تعالى قادراً، عالماً، حياً، سميعاً، بصيراً، قديماً، غنياً، واحداً لا يشبه الأشياء، فالشك في ذلك كفر صريح أيضاً يعود على الشهادتين بالنقض والإبطال، ووجودهما كعدمهما بالنسبة إلى عدم الخروج بهما من الكفر؛ إذ من شرط الإيمان الإذعان والقطع بمضمون الشهادتين، واعتقاد صحة ما جاء به الرسول ÷، وهذا لم يحصل مع الشاك، لكن حيث قد نطق بالشهادتين وتبرأ من سائر الأديان سوى دين الإسلام فقد حقن بذلك دمه وماله، وليس حاله بأبلغ من حال المنافق الذي هو ناف لمضمون الشهادتين أو أحدهما، فيشمله قوله ÷: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله تعالى»، وإن كان لا يشك أن الله تعالى قادر عالم حي الخ، لكن شك هل ذلك لذاته أو لمعان فلا ينبغي تكفيره، ولا القطع عليه بإيمان ولا كفر؛ إذ من أثبت المعاني لم يكفر عند من قال بكفره إلا من باب إلزام أن يكون مع الله إله⁣(⁣٢) آخر أو لا يكون واحداً في ذاته، أو لزوم حدوثه.

  وقد عرفت أن التكفير باللازم فيه ما فيه، فبالأولى من شك هل لمعانٍ أم لا،


(١) وهما تميزه تعالى عن غيره بقدم تلك المعاني، أو وجوبها له. (منه ¦).

(٢) في المخطوط: إلهاً.