[مسألة: في تكفير المجبرة]
  تعالى أراد منهم الشرك، وتحريم ما لم يحرمه كفر تصريح أيضاً؛ إذ لم يأخذوا ذلك عن شبهة قرآنية أو أحاديث نبوية، أو تنزيه للباري تعالى عن أن يكون ثمَّ قادر فاعل غيره كما هو مقصد المجبرة من المسلمين حتى يقال فيه: كفر تأويل، ولأنه لا مساغ لكفر التأويل إلا في فرق الإسلام.
  الفريق الثاني: المجبرة من المسلمين، وهم ست فرق، وهم: الجهمية، والكلابية، والأشعرية، والضرارية، والبَاقِلاَّنِيَّة، ومن يقول إن الله تعالى خلق شهوة في العبد موجبة للفعل لا يقدر عندها على الترك.
  فالأربع الفرق الأُوَل يقولون: إن الله تعالى خلق نفس فعل العبد، ويختلفون في الكسب على حسب ما مر من تفاصيل مذاهبهم في فصل أفعال العباد، والفرقتان الآخرتان لا يقولون: إن الله تعالى خلق نفس فعل العبد، لكنه تعالى عند الباقلانية خلق القدرة الموجبة له، وعند الآخرين خلق الشهوة الموجبة له، ويتفقون الجميع على أن الله تعالى أراد فعل المعصية وشاءها من العبد، وقضى بها وقدرها عليه، من دون أن يفسروا القضاء والقدر بمعنى العلم والكتابة كما هو قول أهل العدل. وكفر هؤلاء جميعاً عند من كفرهم من باب كفر التأويل لا من باب كفر التصريح وإن كان صدوره عن المشركين من كفر التصريح؛ لأنهم قائلون به رداً على الرسل وتكذيباً لهم فيما بلغوهم من تحريم الشرك وتحريم ما أحل الله تعالى، بخلاف المجبرة من المسلمين فليست علتهم ذلك كما مر ذكره.
  وقد أشار المؤلف # إلى تكفير من ذهب إلى الجبر من هذه الأمة بقوله: (أو أنه) تعالى (يفعل الجَور أو أنه يفعل المعاصي أو يريدها)، وبتكفيرهم قال أكثر أئمة أهل البيت $ كالقاسِمَين، والهادي، والناصر، وأبو طالب، والمنصور بالله، وشارح الأساس، وحكي عن من ذكر أنهم مصرحون بتكفيرهم، وهو قول الإمام المهدي #، وغيرهم من أئمة أهل البيت $، بل حكى الإمام أبو عبد الله الداعي # إجماعهم على ذلك، وهو قول جمهور أتباعهم الزيدية