الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: في تكفير من جحد القرآن أو زاد فيه أو نقص منه]

صفحة 514 - الجزء 2

  سورة النمل. وعن ابن المسيب ومحمد بن كعب إثباتها آية من الفاتحة فقط، وهي رواية عن الشافعي. وعن أحمد بن حنبل وداود وفخر الدين الرازي من الحنفية أنها آية مستقلة أنزلت للفصل بين كل سورتين، فهي آية واحدة لا مائة وثلاث عشرة آية، وعليه جمهور المتأخرين من الحنفية.

  احتج النافون لكونها من القرآن بأنها لو كانت قرآناً لتواترت، وأجيب بأن بعض القراء السبعة أثبتها، فلزم من تواتر القرآن تواترها، وكثيراً ما يقع التواتر لمن بحث لا لمن لا يبحث، ولو سلم فتواتر المحل كاف، فإنهم جردوا المصاحف عن كتب شيء ليس منه، ولم يختلف في قراءتها ورسمها. وخالف أبي بن كعب في إثبات سورة الحمد؛ في المصحف لاشتهارها، وابن مسعود في المعوذتين؛ لما روي أن النبي ÷ كان يُعوذ بهما الحسنين @، ولم يخالف في كونهما قرآناً.

  قلنا: قد انعقد الإجماع على خلاف قوليهما.

  وحكى في الأساس عن ابن الحاجب تكفير صحاب القراءة الشاذة، وهي ما عدا السبع القراءات، وهي قراءة نافع، وأبي عمرو، والكسائي، وحمزة، وابن عامر، وابن كثير، وعاصم، فهذه السبع القراءات متواترة عند الجمهور، وما عداها فشاذ غير متواتر، قال # رداً على ابن الحاجب: قلنا: صاحب الشاذة سمعها خبراً فتوهمها قرآناً، وحينئذ لم يتعمد زيادة في القرآن ولا نقصاً، والله تعالى يقول: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}⁣[الأحزاب ٥]، وقوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»، والإجماع على عدم تكفير ابن مسعود وهو من أهل القراءة الشاذة.