الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[من أسماء وصفات الكافر]

صفحة 518 - الجزء 2

  يشرك بالله غيره في الإلهية أو في أفعاله المختص بها كالخلق والرزق والإحياء والإماتة أو في استحقاق العبادة مشرك، ولمن يقول بالتجسيم مجسم، ولمن يدين باليهودية أو النصرانية أو المجوسية يهودي أو نصراني أو مجوسي، إلى غير ذلك من الأسماء الملاحظ فيها معنىً مخصوصاً، فإن ما هذا شأنه الأظهر أنه لا يجوز إطلاقه إلا على من اتصف بذلك المعنى، لا على كل كافر؛ لأن هذه الأسماء ليست موضوعة لمجرد الذم وحده، بل لإفادة معنى مخصوص من أنواع الكفر، فلا تطلق إلا على من اتصف بذلك المعنى، فلا يقال لليهودي: وثني، ولا للوثني: يهودي، ونحو ذلك؛ لما في ذلك من الكذب والإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه، ولعل ذلك إجماع كما يفيده قوله: بلا خلاف. (وإن كان يظهر الإيمان ويبطن الكفر جاز أن نسميه مع ذلك) أي: مع جواز تلك الأسماء المذكورة التي هي: كافر وفاجر إلى آخرها، ومع الاسم المختص به المشتق من فعله (منافقاً بالإجماع)؛ إذ لا خلاف أن من أظهر الإيمان وأبطن الكفر أنه منافق.

  وإنما وقع الاختلاف فيمن أبطن الشر أي: شر كان أعم من أن يكون كفراً أو غيره، أو أظهر الخير أي خير كان: إيماناً أو غيره هل يجوز أن يسمى منافقاً أم لا؟

  فالذي عليه الجمهور أنه لا يجوز تسميته منافقاً؛ لأنه وإن كان النفاق في اللغة بمعنى الرياء، وهو إظهار الخير وإبطان الشر فقد صار باستعمال الشرع منقولاً عن ذلك إلى إظهار خير مخصوص وهو الإسلام، وإبطان شر مخصوص وهو الكفر، فلا يجوز أن يقال لمن يرائي بفعل الواجبات واجتناب المحرمات منافق⁣(⁣١) خلافاً لما رواه في الأساس عن القاسم بن إبراهيم @ واختاره الشارح ورواه عن زيد بن علي والناصر $، ولما يذهب إليه الحسن البصري


(١) في المخطوط: منافقاً.