الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

(فصل:) في الكلام في حقيقة الكفر وأحكامه، ومسائل التكفير وأقسامه

صفحة 519 - الجزء 2

  ومن وافقه أن صاحب الكبيرة يقال له منافق مطلقاً، سواءً راءى بفعله أم لم يُراءِ، فهو أعم من قول القاسم ومن ذكر معه.

  وقد احتج شارح الأساس لما اختاره من قول القاسم ومن وافقه بأحاديث كثيرة، منها قوله ÷: «ثلاث من كن فيه فهو منافق: من إذا حدث كذب، ومن إذا ائتمن خان، ومن إذا وعد أخلف»، ونحو ذلك. وهي محمولة عند الجمهور على أنه يشبه المنافق؛ لما كانت هذه الخصال لا توجد غالباً إلا فيه؛ لأنه لو كان منافقاً شرعاً لكان كافراً، ولا قائل به إلا الخوارج، ولعلهم إنما يجعلون كفره كفر تأويل، ولهذا لا يُجرون على الكافر الذي هو فاعل كبيرة من الأمة أحكام المشرك من تحريم الذبيحة والمناكحة والدفن في مقابر المسلمين، كما ذكره النجري عن الحاكم عنهم.

  ولهم أن يجيبوا عن القاسم # ومن معه أن صاحب الكبيرة المرائي يقال له منافق وتجري عليه أحكام المسلمين؛ لأن النبي ÷ كان يعامل المنافقين معاملة المسلمين، فلا دلالة في عدم معاملته معاملة الكفار على انتفاء النفاق عنه.

  وقد احتج الإمام المهدي # للجمهور بإجماع الصحابة أن المنافق هو من أبطن الكفر وأظهر الإسلام. قال الشارح: ومعلوم أن الفاسق لا يبطن كفراً فكيف يكون منافقاً، قالا: وأيضاً المنافق يقدم على المعصية وهو مستحل لها غير خائف عقاباً من أجلها ولا تبعة بسببها، والفاسق ليس كذلك؛ إذ الفاسق يفسق خائفاً من عقاب تلك الكبيرة التي أقدم عليها، وإنما يسوف التوبة أو يرجي المغفرة، فليس بمنافق قطعاً.

  قلت: الاحتجاج الأخير قوي، وأما الأول فلا ينتهض لإفادة المطلوب؛ لما اعترضه شارح الأساس بقوله: وأما الإجماع من الصحابة على أن المنافق من أبطن الكفر وأظهر الإسلام فهو مُسَلّم، فهل أجمعوا على أن غيره لا يسمى