(فصل:) في الكلام في حقيقة الكفر وأحكامه، ومسائل التكفير وأقسامه
  أو لقصد استجلاب قلبه إلى الإسلام، وقد قال تعالى: {لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٨ إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ ٩}[الممتحنة]، وإن فسرت بعدم الموالاة فهي واجبة؛ لأن ذلك عام في كل كافر.
  وأما الغيبة فقد تقدمت حقيقتها، وهي أن تذكر أخاك المؤمن بما يكره، سواء كان فيه أم لم يكن فيه، وسواء كان ينقصه في دينه أم لا على الصحيح، فينظر في غيبة الكافر هل تحرم أم لا؟ ظاهر قوله تعالى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}[الحجرات ١٢]، أنها لا تحرم في حق الكافر؛ لأن المؤمنين إنما نهوا عن اغتياب بعضهم بعضاً، لكن ينبغي أن لا يكون ذلك بما ليس فيه، كأن ينسب إليه خصلة يتبرأ منها، نحو أن يصفه بالزنا والقتل والظلم للخلق وبخس الميزان أو المكيال أو نحو ذلك مما ليس فيه، ويَكْرَه نسبتها إليه؛ لما في ذلك من الكذب والافتراء. وتجوز غيبته بأسماء الذم التي مر تعدادها من كونه فاسقاً وفاجراً إلى آخرها، وكذلك الأسماء المشتقة من أفعاله كما مر، ومر أيضاً في حق المؤمن قوله: ومضمون ذلك أن تحب له ما تحب لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك، فيقال في الكافر العكس، وهو أن تحب له ما تكره لنفسك، وتكره له ما تحب لنفسك. وقد نبهنا أنه ليس على إطلاقه؛ إذ لا يجوز أن تحب له الكفر، ولا أن تكره له الإيمان كما مر تحقيق ذلك. قال #: (وقد ذكرنا أحكامه) أي: الكافر (في ثمرة الأفكار في أحكام الكفار) وإلى حد رقم هذا ولم أقف على هذا الكتاب من مؤلفاته، فالله المسؤول أن يوفق وييسر أسباب الاطلاع عليه، إنه قريب مجيب.