(فصل:) في حقيقة الفاسق وما تجب من معاملته
  الإمام لا يستغني عنه بغيره، فمتى حصل أي ذلك تعين عليه الجهاد ووجب عليه، ومتى لم يحصل أي ذلك لم يتعين عليه، بل يتعلق به الوجوب على حسب تعلق فرض الكفاية إذا كان العدو قد توجه على المسلمين، أو دعا الإمام الناس عموماً ولم يعرف المكلف من نفسه احتياج الإمام إليه بذاته.
  وينظر في دليل فسق التارك بعد الوجوب؛ لأن تارك الواجب حسبما مر لا يفسق حتى تقوم الدلالة القطعية على أن ترك ذلك الواجب كبيرة، ولعله قياساً(١) على من فر من الزحف، فيكون ذلك في جهاد الكفار، لا في جهاد البغاة فيحتمل الفسق قياساً على ترك جهاد الكفار، ويحتمل عدمه لأن قوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} إنما دل على وجوب قتال الباغي، لا على فسق من ترك قتاله.
  (وتارك الصلاة، والصيام، والحج) والزكاة (بعد وجوب ذلك عليه) أما الصلاة والصوم فلا إشكال في فسق من تركهما حتى خرج وقتهما عمداً، وقد خالف بعض العلماء المتأخرين ورووه للمذهب الشريف في فسق قاطع الصلاة مع قولهم: إنه في النار، وقطعهم عليه بذلك، وهذا من العجائب؛ لأنه لا يدخل النار إلا الكافر أو الفاسق على خلاف فيه حسبما مر، فكيف يصح القول بدخول النار من ليس بكافر ولا فاسق.
  قال شيخنا ¦: ومنه أي: ومن الملتبس هل معصيته كبيرة أم صغيرة قاطع الصلاة عند من لم يقل بفسقه، قال: ومن خرافات مشائخ عصرنا أنهم يقولون: من أهل النار وليس بفاسق! وهذا منزلة رابعة لم يقف عليها إلا هم، فإن كان من أهل النار ما ضره الفاء والسين والقاف، ولم يفروا أي: الذين منعوا من تفسيقه من المتكلمين من اللفظ إلا لملازمته دخول النار، ولم يدل عند أهل المذهب قاطع على دخوله النار لأن شرطهم في الكبيرة ما ذكروا، يعني أن يرد
(١) في المخطوط: قياساً، وفي مختصر الكاشف الأمين: قياس.