الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

(فصل:) في حقيقة الفاسق وما تجب من معاملته

صفحة 530 - الجزء 2

  إن تركوا الصلاة، وقال ÷: «أول ما يسأل عنه المرء يوم القيامة الصلاة، فإن جاء بها تامة وإلا زج في النار»، ومن كان في النار فهو فاسق.

  لا يقال: الخبر آحادي.

  لأنا نقول: قد ورد من الآيات والأحاديث ما يدل على معناه، وهو فسق تارك الصلاة عمداً بلا عذر، والله أعلم.

  وأما الزكاة والحج فلا يتحقق كون الشخص تاركاً لهما إلا إذا مات ولم يوص بهما؛ لأنهما واجبان غير مؤقتين، وإن كان وقت الزكاة عند الحصاد فهو يستمر إلى آخر العمر، فمتى مات ولم يخرج الزكاة أو لم يحج كان فاسقاً، ولعل القطع بفسقه إنما يتأتى مع الإصرار على الترك لا مع مجرد التساهل والنسيان، والله أعلم.

  قوله #: (غير مستحل لتركه ولا مستخف) لأنه مع الاستحلال أو الاستخفاف يصير كافراً كما مر في فصل الإكفار، لكن لا يلزم من حصول الكفر ارتفاع الفسق؛ لأن الكافر فاسق وزيادة. وإنما ذكر ذلك ليشير إلى أنه مع الاستحلال للترك، وكذلك لفعل ما علم من الدين ضرورة تحريمه يصير كافراً، فإذا ترك الواجب أو فعل المحرم القطعيين مستحلاً أو مستخفاً كفر.

  (و) كذلك (السارق من حرز) لا من غير الحرز، كمن ينتهب من طريق أو محل لم يعد غيره حرزاً، والمراد أن يفك الحرز بنفسه، فإذا هتك الحرز غيره فسرق السارق بعد أن هتك غيره الحرز لم يقطع بفسقه، فمتى كان كذلك وكان المسروق (عشرة دراهم) كل درهم (قفلة) والقفلة هي في نفسها مختلفة، فالقفلة الإسلامية: عشرة قراريط ونصف، كل قيراط أربع شعائر، تكون اثنتين وأربعين شعيرة، وهذا هو الدرهم المقدر به نصاب الزكاة وأقل المهر، والقفلة المتعامل عليها ستة عشر قيراطاً، كل قيراط أربع شعائر، تكون أربعاً وستين شعيرة، وكل هذا غير مراد في نصاب السرقة، بل المراد بالدرهم والقفلة في نصاب السرقة وزن ثمان وأربعين شعيرة على ما هو مقرر للمذهب الشريف،