[حكم الفاسق]
  معرفة (الكافر) وأحكامه، (إلا لفظ: الكافر والمنافق) فلا يجوز أن نسميه بأحدهما، وإنما يجوز أن نسميه بسائر الأسماء المذكورة هناك: من كونه فاجراً وفاسقاً وطاغياً ومارقاً ومجرماً وظالماً وآثماً وغاشماً. وإنما قلنا: إنها تجوز تسميته بجميع هذه الأسماء لما ذكره # من قوله: (فإن ما عداهما) أي: لفظ الكافر والمنافق (إجماع أنه يجوز تسميته به) والإجماع حجة قطعية، وقد مر أن الخلاف مع الخوارج في منع اسم الكافر، وللحسن البصري في منع المنافق، ولم يذكر ذلك في المختصر، فأراد # بما ذكر هنا الإشارة إلى ذلك والرد على الحسن بقوله: (وأما المنافق فلا دلالة تدل على جواز إطلاقه عليه) لأن المنافق صار حقيقة شرعية لمن أظهر الإسلام وأبطن الكفر، وليس هذا معلوماً(١) لنا من مرتكب الكبيرة، فإذا وسمناه بالنفاق كنا متجارين عليه، وكان من إقتفاء ما ليس لنا به علم، وقد قال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً}[الإسراء ٣٦] حجة قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}[التوبة ٦٧]، ولأنه لو كان يعلم صدق المبلغ لما ارتكب الكبيرة الموجبة للنار، فارتكابها دليل عدم تصديق الرسول ÷ فيما بلغ به في تحريمها، وذلك كفر لكنه لما لم يظهر هذا الكفر وكان مظهراً للإسلام كان منافقاً.
  والجواب: أن الآية أفادت أن المنافق فاسق، ولم تفد أن الفاسق منافق.
  فإن قيل: تعريف الطرفين وتوسط ضمير الفصل أفاد حصر كل منهما في الآخر.
  قلنا: يلزم أن الكافر لا يسمى فاسقاً، فلا بد من الخروج عن الظاهر بأن يقال: أراد الفسق اللغوي، وهو الفحش في الخروج عن الطاعة والتجاوز في العصيان، دون الفسق الشرعي الذي نحن بصدده، وذلك كقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلا الْفَاسِقُونَ}[البقرة ٩٩]، أي: المفحشون في الخروج
(١) في المخطوط: معلوم.