الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

(فصل:) في حقيقة الفاسق وما تجب من معاملته

صفحة 533 - الجزء 2

  عن الطاعة وتجاوز الحد في الكفر والعصيان. وأما ما ذكره ثانياً في الاحتجاج بأن الفاسق لو كان مصدقاً للرسول ÷ لما ارتكب الكبيرة فمردود بأنه قد يرتكبها مسوفاً للتوبة، أو مجوزاً للعفو، أو تمنيه نفسه أن له من الطاعات ما يزيد على عقابها، أو أن الرسول ÷ سيشفع له، فلا يسلم أن لا يرتكب الكبيرة إلا المكذب. (وأما لفظ: الكافر، فمنعه كثير من العلماء) مطلقاً: سواء قيد بأن أضيف إلى النعمة أم لا، (وأجاز إطلاقه جماعة) منهم (مع التقييد) بالإضافة (فقالوا: هو كافر نعمة) وهو قول الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش، ورواه في الأساس عن ابن عباس، وجعفر الصادق، والقاسم، والهادي، والناصر، والإمام أحمد بن سليمان، قال: وقد روي أنه إجماع قدماء العترة $ والشيعة، واختاره، ورد على من خالفه، ومن ثمَّ قال المؤلف #: (وهو الصحيح؛ لأنه مروي عن علي #، وهو إجماع العترة $) ولعل المراد قدماؤهم؛ لأن الخلاف بين المتأخرين مشهور، والله أعلم.

  قوله: (ولموافقته للكتاب) العزيز يشير إلى قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ}⁣[آل عمران ٩٧]، فسمى تارك الحج كافراً. واحتج له شارح الأساس بآيات أخر من الكتاب، كالآيات التي فيها تكفير من في النار مع أن الفاسق في النار، والآيات التي فيها تكفير من فعل محرماً أو ترك واجباً وهو من أهل القبلة، فالأول كقوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}⁣[التوبة ٤٩]. والثاني: كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} إلى قوله: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}⁣[المجادلة ٣، ٤]، قال: وغير ذلك كثير، قال: وروى الناصر # بإسناده عن مبارك عن الحسن قال: قال رجل: يا رسول الله، آلحج كل عام؟ قال ÷: «لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت ما قمتم بها، ولو تركتموها كفرتم «الخ ما ذكره تركته اختصاراً، إلى أن قال: وقد ذكر الناصر # في كتاب البساط حججاً كثيرة من