الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: التوبة موجبة لإسقاط العقاب بنفسها]

صفحة 542 - الجزء 2

  جميع الذنوب، وأنها موجبة للنجاة والفوز بالنعيم الدائم؛ لعموم ما تعلقت به، ولأنها من أقرب القرب إلى الله تعالى، لا من باب الموازنة.

  والفرق بين المذهبين: أن على قول المنصور بالله ثواب التوبة العامة يزيد على عقاب كل معصية سبقتها قطعاً. وعلى قول الآخرين التوبة كفرت العقاب السابق ولو فرض أن ثوابها أقل منه. فنتج من قول الجميع نجاة التائب من كل ذنب عن الهلاك، وفوزه برضا الله سبحانه وتعالى.

[مسألة: التوبة موجبة لإسقاط العقاب بنفسها]:

  مسألة: وهي موجبة لإسقاط العقاب بنفسها عند الجمهور، وقال أبو الهذيل: إنما يتفضل الله بإسقاطه عندها، وبه قالت البغدادية، لكنهم يوجبون إسقاط العقاب من باب الأصلح، لا من حيث إن التوبة موجبة لذلك.

  قلت: ويلزم من قال: «لا يجب قبول التوبة» كالجلال وشارح الأساس وغيرهما أن لا تكون موجبة لسقوط العقاب، فينظر ماذا يفعل المكلف إن أراد التخلص من غضب الله تعالى ونكاله؟ ولابد لهم من القول بأن الواجب عليه أن يتوب لينجو من العقاب، فلزم أن التوبة مسقطة للعقاب وإلا لما كان لإيجابها عليه وجه، اللهم إلا أن يقولوا: لو قلنا بوجوب قبول التوبة لقطع التائب بنجاة نفسه، ولا سبيل له إلى العلم بذلك، ولأن فيه تزكية النفس وهو محرم استقام، إلا أن لقائل أن يقول: هذا ممنوع؛ من حيث إنه لا يعلم المكلف وقوع التوبة منه على الوجه النصوح المقبول، فلا يرد ما قالوه، فلزم أن يبقى بين الرجاء واليأس وعدم تزكية النفس، وكلامنا فيما إذا وقعت على الوجه المقبول وإن لم يعلم المكلف ذلك، فينظر هل يوافقون في وقوع القبول لا محالة ارتفع الخلاف في المعنى وعاد إلى العبارة فقط.

  أما شارح الأساس فقد نص في شرح قول الإمام #: «وما يفعله الله قطعاً لا يقال: إنه واجب على الله تعالى» أخبرنا بذلك وقضت به حكمة العدل، فعلم