[مسألة: لا تصح التوبة من ذنب دون ذنب]
  كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال ٣٨]، فجعل الانتهاء الذي هو التوبة عن الكفر موجباً للغفران، من دون تعليق بزيادة ثواب على عقاب ولا إخبار به، بل الإخبار إنما هو بوقوع الغفران نفسه، وهو إسقاط العقاب من أصله، وليس إلا بالتوبة؛ لفقد العلم بما سواها.
[مسألة: لا تصح التوبة من ذنب دون ذنب]:
  مسألة: حكى الحاكم عن أمير المؤمنين #، وزيد بن علي، والصادق، والقاسم بن إبراهيم $، وبشر بن المعتمر، وجعفر بن مبشر، وأبي عبد الله البصري، قال الإمام المهدي: وهو قول واصل بن عطاء، وقاضي القضاة، وموسى بن جعفر، وغيرهم: ولا تصح التوبة من ذنب دون ذنب. ذكره في شرح الأساس، وذكره القرشي في المنهاج عن الجمهور، وحكاه شيخنا ¦ عن الإمام المهدي # لنفسه، قال: وقال المؤيد بالله وأبو القاسم: تصح مطلقاً، وقال أبو علي: تصح مع الإصرار على ما ليس من جنسه.
  لنا: التوبة كالاعتذار من الإساءة، ولا تصح من إساءة دون إساءة، وعموم آيات التوبة، وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ}[المائدة ٢٧]. انتهى.
  احتج المخالف لو لم تصح التوبة من ذنب دون ذنب للزم في يهودي أسلم إسلاماً محققاً وهو مصر على غصب عشرة دراهم أن لا يصح إسلامه، فيبقى على حكم اليهودية، وذلك مخالف لإجماع الأمة. وأجاب عنه قاضي القضاة بأنهم إنما أجمعوا على خروجه من اليهودية، ولا نسلم أنهم حكموا بصحة إسلامه، وأنه قد صار حكمه حكم المؤمنين، وأما خروجه من اليهودية، فلعدم التزامه أحكامها من السبت وغيره كما لو خرج من النصرانية، فإما أنه كتب له ثواب الإسلام وأجريت عليه أحكام المسلمين فهذا غير مسلم، بل عقابه باق لم ينقص منه شيء. هكذا حكى الأصحاب جواب القاضي، واستغنوا به في إبطال احتجاج المحتج به، وفيه نظر؛ إذ لا يسلم أنهم لم يحكموا بصحة إسلامه، بل