[مسألة: في القول بالموازنة]
  بالتوبة ما أحبطته المعصية من الثواب مطلقاً، لا الحاصل ولا المتجدد، وحينئذ فكان حق منازعته لهم إنكار عود ما أحبطته المعصية من الثواب الحاصل قبلها، لا إنكار التجدد من حيث هو؛ لأن الأدلة من جهة السنة ثابتة فيما ذكراه من الصدقة الجارية والعلم الذي ينتفع به ونحوهما، فلا يستقيم إنكارها رأساً، وإنما يستقيم على قود مذهبه إنكار أن يعود ما أحبطته المعصية، حاصلاً كان عند فعلها أو متجدداً بعد فعلها لو لم تفعل، هذا مع أن ظاهر كلامهم أنه يتجدد الاستحقاق في المستقبل مطلقاً، سواء كان كالصدقة الجارية والعلم المنتفع به ونحوهما، أم لا كالصلاة ونحوها مما ينقضي ولا تبقى ثمرته مستمرة، كما يظهر من قولهم: وإلا لزم التساوي بين من قطع عمره في عبادة الله سبحانه وطاعته الخ، فيستقيم اعتراضه # عليهم فيما ليس له ثمرة مستدامة، والله أعلم.
[مسألة: في القول بالموازنة]:
  مسألة: قد علم من القول بالموازنة صحة القول باستواء العقاب والثواب، وصحة زيادة أحدهما على الآخر، لكن خالف أبو علي مقتضى القول بالموازنة وقال: يمتنع استواؤهما عقلاً وسمعاً، وقال أبو هاشم: بل سمعاً فقط، وهو الإجماع على أن المكلف لا بد له من الجنة أو النار، فأما من جهة العقل فلا مانع من الاستواء. واحتج أبو علي بوجهين:
  أحدهما: أنه لو استوى الثواب والعقاب لكان كل واحد منهما ساقطاً في نفسه مسقطاً للآخر، فيكون له تأثير في الإسقاط مع كونه ساقطاً في نفسه، وهو محال.
  ثانيهما: أن سقوط الثواب عقاب، وسقوط العقاب ثواب، فالقول بتساويهما يؤدي إلى اجتماع استحقاقهما، وهو محال.
  وهذان الوجهان غير قادحين؛ لأنهما شبهتان خارجتان عن المسألة ودليلها، لأنه قد قال بأصل المسألة وهو القول بالموازنة وإن قال: إن الأقل يبطل في جنب الأكثر، فلا يعرف أن هذا أقل وهذا أكثر إلا بالموازنة ضرورة، ومن لازمها جواز التساوي،