[مسألة: في القول بالموازنة]
  والزيادة في أحد الجانبين والنقص في الآخر، فقد قال بأصل المسألة فلزمه القول بلازمها، وهو جواز التساوي عقلاً. فأما ما قاله من لزوم المحال في الوجه الأول وهو أن الشيء ساقط في نفسه مسقط لغيره فلا نسلم؛ دليله أن الدَّينين إذا تساويا تساقطا، وصار كل منهما ساقطاً في نفسه(١) مسقطاً لغيره، فلا إحالة. وكذلك ما قاله في الوجه الآخر من لزوم المحال: إن القول بتساويهما يؤدي إلى استحقاق الثواب والعقاب وهو محال لا يسلم تأديته إلى استحقاقهما؛ لأن كلاً منهما لا يصير مستحقاً إلاّ إذا زاد على الآخر، فإن ساواه أو نقص عنه فلا استحقاق فيه، بل ينفرد بالاستحقاق الزائد فقط، وإن سلم اجتماع الاستحقاق على التنزل فلا محال إلا في إيصال الثواب والعقاب الواقعين على سبيل النفع والضر المقرونين بالإجلال والإهانة، لا الواقعين على سبيل التساقط.
  فقد ظهر لك ضعف قول أبي علي بالمرة، بل بطلانه بالكرة: من امتناع الاستواء عقلاً مع قوله بالموازنة، فأما بطلانه سمعاً فاتفاق بينه وبين أبي هاشم، وهو ما ذكره من دعوى الإجماع على أن المكلف لابد له من استحقاق الجنة أو النار، وهذا أيضاً احتجاج ضعيف، بل باطل من وجهين:
  أحدهما: أنهم إنما أجمعوا على أن مصيره إلى الجنة أو النار لقوله تعالى: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}[الشورى ٧]، وذلك لا ينافي جواز الاستواء في حق بعض من دخل الجنة، ويكون تفضلاً أو بالشفاعة، فمن أين أنهم أجمعوا على استحقاق أحدهما لا محالة؟
  ثانيهما: أن الإجماع منازع فيه، بل الخلاف أشهر من أن يذكر، فقد ذكر الإمام المهدي # أن خلاف زين العابدين # وغيره ظاهر.
(١) في المخطوط: ساقط في نفسه مسقط لغيره.