[من أحوال الآخرة: النفخ في الصور]
[من أحوال الآخرة: النفخ في الصور]:
  (و) من أحوال الآخرة (النفخ في الصور) وهو في اللغة يأتي لمعنيين: أحدهما: القرن، والثاني: جمع صورة، كالصوف جمع لصوفة، والقطن جمع لقطنة، والعطب جمع لعطبة، ونحوه، ذكره في الأساس، ويحتمل أن هذه أسماء جنس مما يميز واحده بالتاء، لا أسماء جمع، والفرق بينهما أن اسم الجنس يطلق على القليل والكثير، سواء ميز واحده بالتاء نحو الأمثلة المذكورة، ونحو شجر وبقر، أم لا كالماء والتراب، واسم الجمع لا يطلق إلا على ثلاثة فصاعداً.
  واختلف المتكلمون في الصور الذي ينفخ فيه في الآخرة ما المراد به على ثلاثة أقوال بعد إجماع الأمة على ذلك على الجملة، وهو معلوم بصريح الكتاب، وللإمام زيد بن علي @ قولان:
  أحدهما، وهو قول السادة، والمنصور بالله، والأمير المؤلف، والمهدي $، والجمهور: أنه قرن قد التقمه إسرافيل ينتظر متى يؤمر فينفخ.
  الثاني: أنه جمع صورة، والمراد نفخ الروح في الصور، أي: صور المكلفين، أي: أجسامهم، وهو قول الهادي، والإمام القاسم بن محمد، وسيد المحققين $، وقتادة، وأبي(١) عبيدة.
  وقال الإمام أحمد بن سليمان @: بل هو صوت يحدثه الله تعالى لإفزاع الخلائق وإماتتهم وإحيائهم؛ لقوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِي لاَ عِوَجَ لَهُ}[طه ١٠٨]، وقوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ}[القمر ٦]، وقوله تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ٤١ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ٤٢}[ق].
(١) في المخطوط: وأبو.