[من أحوال الآخرة: النفخ في الصور]
  حجة أهل القول الأول: أنه في أصل اللغة موضوع للقرن، وأنه يؤخذ فينفخ فيه فيحدث منه صوت يكون عند سماعه اجتماع القوم، فيحمل على حقيقته في الآخرة، وأخبار وردت في السنة، منها: ما أخرجه الإمام الموفق بالله # في أماليه عن زيد بن أرقم مرفوعاً: «كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ في الصور»، وأخرجه الحاكم عن ابن عباس ®، ذكره شيخنا ¦، قال: وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة وأبي سعيد وجابر وابن عمر تركناه اختصاراً.
  وفي تنبيه الغافلين للفقيه أبي الليث السمرقندي ما لفظه: وأخبرني الثقة بأسانيد مختلفة عن أبي هريرة عن رسول الله ÷ قال: «لما فرغ الله تعالى من خلق السماوات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخصاً ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر، قلت يا رسول الله: وما الصور؟ قال: قرن من نور، قلت: يا رسول الله، كيف هو؟ قال: «عظيم الدارة، والذي بعثني بالحق نبياً لعظم دارته كعرض السماء والأرض، ينفخ فيه ثلاث نفخات»، وفي بعض الروايات أنه نفختان، الخ ما ذكره.
  حجة أهل القول الثاني: أنه قد أتى في اللغة جمع صورة فيحمل عليه، ولأنه قد جاء في بعض القراءات: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ}[النمل ٨٧]، بفتح الواو، وورد أيضاً في بعض القراءات: وَيَوْمَ ننفُخُ، بنونين، قالوا: ولا دليل على ثبوت القرن، ولا وثوق برواية الحشوية عن أبي هريرة.
  ولقائل أن يقول: الرواية قد رواها بعض أئمتنا $ وغيرهم كالحاكم وأبي الليث السمرقندي وغيرهما من العدلية عن غير أبي هريرة كما مر، ولا مانع، والله سبحانه أعلم.
  حجة أهل القول الثالث: الآيات المذكورة، وفيها ما يفيد حدوث صوت