الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

(فصل:) في الكلام في الموت والفناء وبعض أحوال الآخرة

صفحة 575 - الجزء 2

  مسموع داع للخلق لاجتماعهم إلى عرصة المحشر، ونحوها قوله تعالى: {إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}⁣[يس ٥٣]، {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ}⁣[القمر ٨]. قال سيد المحققين: وما ذكره الإمام أحمد بن سليمان # محتمل، ويحتمل أن الصوت الذي ذكره الله في القرآن هو غير الصور المذكور في القرآن.

  قلت: الأظهر والله أعلم أن ذلك الصوت هو الذي يحدث عند النفخ في الصور؛ لأنه إذا نفخ في القرن الذي هو معنى الصور لغة تولد منه صوت عنده يجتمع الناس في النادي، فإطلاق الصور على الصوت من باب إطلاق اسم الملزوم على اللازم تجوزاً.

  واختلف أيضاً هل ينفخ فيه مرتين فقط أو ثلاثاً، فقال سيد المحققين وهو ظاهر كلام الهادي #: إنه نفختان فقط؛ لقوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}⁣[الزمر ٦٨]، ولا دليل على الثالثة. وقيل: بل ثلاث، ويدل على الثالثة قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}⁣[النمل ٨٧]، وذكر أبو الليث السمرقندي الأول في رواية كعب والثاني في رواية أبي هريرة، وكأن أهل القول الأول يجعلون الفزع والصعق بمعنى واحد؛ إذ هما متلازمان، وأهل القول الثاني يجعلون كلاً منهما على حدته تكون عنده نفخة فتكون اثنتان مع الثالثة نفخة القيام.

  والفزع: هو الخوف، قال في المصباح: فَزِعَ منه فَزَعاً فهو فَزِع، من باب تعب: خاف، وأفزعته وفزعته ففزع، وفزعت إليه: لجأت، وهو مفزع، أي: ملجأ. انتهى. والصعق: الموت والغشيان، فهو يأتي لمعنيين، قال في المصباح: صعق صعقاً من باب تعب: مات، وصعق: غشي عليه لصوت سمعه، والصعقة