[من أحوال الآخرة: بعثرة القبور]:
  المحشر، دون الموت، فقد وقع قبله على كل حي سوى الدائم الذي لا يموت، وإنما قلنا بذلك لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}[فصلت ٣٠]، وقوله تعالى في المؤمنين: {لا يَحْزُنُهُمْ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمْ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}[الأنبياء ١٠٣]، وقوله تعالى: {وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ}[النمل ٨٩]، فنصت هذه الآيات وغيرها أنه لا فزع على المؤمنين، وبانتفائه ينتفي الصعق من باب الأَوْلَى، فيكونون هم المرادون بذلك الاستثناء مع من ذكر من الشهداء وجميع الملائكة $، والله أعلم، فنسأل الله التوفيق لموجب العِدَاد في جملتهم والحشر في زمرتهم آمين. وهذا قول أئمتنا $ والبصرية، أعني أنه لا فزع ولا غم يلحق المؤمنين يومئذ. وقال أبو القاسم البلخي، وروي عن ابن الإخشيد: يجوز اغتمامهم واغتمام الأنبياء $ بما يشاهدون من أهوال يوم القيامة؛ لآيات وأحاديث وردت في اغتمام أهل المحشر وفزعهم.
  لنا: الآيات المذكورة، ولأنه ضرر فلا يحسن إلا لاستحقاق أو جلب نفع أو دفع ضرر أعظم منه، ولا شيء من ذلك، فلا وجه له، والله أعلم.
[من أحوال الآخرة: بعثرة القبور]:
  (و) من أحوال الآخرة (بعثرة القبور) البعثرة: نحت مركب من بعث ونشر، والنحت: تركيب كلمة من حروف كلمتين ليدل على معنييهما معاً، كالحيعلة والعوذبة والحولقة، قال في الكشاف: البعثرة: مركب من بعث وبحث. وفيه نظر؛ إذ لو كان كذلك لما كان لذكر الراء وجه؛ لأنه ليس من حروف إحدى الكلمتين. وقال فيه في تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}[البقرة ٢٤٦]: أَنهض للقتال معنا أميراً.
  فالبعث إنهاض الأموات من قبورهم ثم نشرهم، وهو إخراجهم منها