(فصل:) في الكلام في الموت والفناء وبعض أحوال الآخرة
  تطويل الكلام بذكرها؛ لأن الأحاديث قد أفادت ثبوت عذاب القبر ولا مانع، منها: قوله ÷: «القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار»، أخرجه(١).
  ومر ÷ بقبرين فقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أحدهما كان يمشي بالنميمة، والآخر كان لا يستنزه من البول» أخرجه(٢).
  وأخرج أبو الليث السمرقندي عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله ÷ في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولم يلحد بعد، فجلس النبي ÷ وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به الأرض، يعني يحفر به الأرض، فرفع رأسه وقال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثاً، ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا، وساق خبراً طويلاً إلى قوله: فافرشوا له فراشاً من الجنة، وألبسوه لباساً من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة يأتيه من ريحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، وساق الحديث إلى قوله: وإن(٣) العبد الكافر إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا فافرشوا له من فراش النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيدخل عليه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره فتختلف فيه أضلاعه «إلى آخر الخبر، وقد أخرج أحاديث أخر دالة على ذلك، والسنة مملوءة مما يفيد ثبوت عذاب القبر، ودخول الملكين على الميت عند وصوله قبره وانصراف الناس.
  وقد اختلف في وقت عذاب القبر، فقيل: عند وصوله، وقيل: بل بين النفختين. والأول هو الذي يظهر من الأحاديث المذكورة وغيرها، والله أعلم.
(١) يوجد بعد هذا الكلام بياض في الأصل.
(٢) يوجد بعد هذا الكلام بياض في الأصل.
(٣) في المخطوط: وأما.