من أحوال الآخرة: البحث والسؤال للمكلفين:
  كما قال، ذكره(١). ولا دلالة في الكتاب على تطاير الكتب إلا ما ورد في بعض التفاسير أن المراد بقوله تعالى: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}[الإسراء ١٣]، أن المراد بالطائر: الكتاب، أخرج أبو عبيد وابن المنذر قال: في قراءة أُبي بن كعب ¥: وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه يقرؤه يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً. وأخرج ابن جرير عن مجاهد ¥ أنه قرأ: ويخرج له يوم القيامة كتاباً بفتح الياء، يعني يخرج الطائر كتاباً، وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير عن قتادة ¥ في قوله: {اقْرَأْ كِتَابَكَ} قال: سيقرأ يومئذ من لم يكن قارياً في الدنيا، ذكر ذلك في الدر المنثور. وعلى هذا أن الطائر هو الكتاب يطير في الجَوّ حتى يصل إلى المكلف فيلزم في عنق المكلف ويقال له: اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا. وقيل: الظاهر(٢) هو العمل، وقد روى في الدر المنثور كثيراً مما يدل عليه، فيحتمل أنه الملزوم بالعنق، ويحتمل أن الملزوم بالعنق هو الكتاب، سمي عملاً لأن فيه ذكر العمل، والله أعلم. وعن الحسن: يا ابن آدم، بسطت لك صحيفة إذا بعثت قلدتها في عنقك، ذكره في الكشاف.
من أحوال الآخرة: البحث والسؤال للمكلفين:
  (و) من أحوال الآخرة (البحث والسؤال للمكلفين) لقوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ٩٢ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٣٩}[الحجر]، وقوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}[الصافات ٢٤]، ولما ورد في السنة: «أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن جاء بها تامة وإلا زخ في النار»، وأصل البحث والسؤال يتعلقان بالمعلوم جملة المجهول تفصيلاً، فيكونان لمعرفة التفصيل، وقد يتعلقان بالمشكوك والمجوز ثبوته وانتفاؤه، فيكونان لمعرفة ثبوت الذات والأمر الذي لم
(١) يوجد بعد هذا الكلام بياض في الأصل.
(٢) الطائر. ظ.