الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[من أحوال الآخرة: الصراط]

صفحة 602 - الجزء 2

  ولم ينسبه إلى أحد، وقال: قيل: هو طريقان الخ، قال: وعلى هذا يحمل قوله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُون ٢٢ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيم ٢٣}⁣[الصفات]، وقوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}.

  الثاني: عن الهادي والإمام القاسم بن محمد وشارح الأساس $، واختاره شيخنا ¦، وهو قول ضرار من المجبرة وعباد من المعتزلة: أنه لا حقيقة له في الآخرة، وإنما المراد به دين الله كما في الدنيا. واحتج له في الأساس وشرحه بآيات وأحاديث مفادها المرور إلى الجنة أو النار من دون أن يمروا بجسر على جهنم، لكنها لا صراحة فيها بنفيه، بل غايتها عدم ذكره بنفي ولا إثبات كما يعلم ذلك من تأملها.

  الثالث: حكاه شيخنا ¦ عن زين العابدين، والسادة الستة، والمنصور بالله، والأمير المؤلف، والمهدي، والمعتزلة: بل هو طريق إلى جهنم؛ للأخبار الكثيرة، قال ¦: قلنا: يلزم التكليف وقد سقط بالإجماع.

  قلت: وعبارة الأساس ومنهاج القرشي: جسر على جهنم، وعبارة القلائد: طريق على جهنم، قال في المصباح: الجسر: ما يعبر عليه، مبنياً كان أو غير مبني، بفتح الجيم وكسرها، والجمع جسور، قال: وهو أدق من الشعرة وأحد من السيف، يمر عليه أهل الجنة وأهل النار، فيسلم أهل الجنة ويتهافت أهل النار، وأن عليه لكلاليب وحسكاً يقال لها: السعدان، وأنه له حصى مزلة، فيمرون عليه كالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل، والرجال فناجٍ مسلم ومكدوش في النار، وقالوا: إن الكافر يمر عليه حتى إذا حاذى منزلته من النار أخذته الكلاليب إلى مكانه.

  ولا يخفى أنه ليس في القرآن ما يدل على ذلك، إلا أن أهل هذا القول تأولوا عليه قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا}⁣[مريم ٧١]، وحملوا الورود على المرور على