(فصل:) في الكلام في الموت والفناء وبعض أحوال الآخرة
  الجسر الذي هو على جهنم، ذكره في الكشاف عن ابن مسعود والحسن وقتادة.
  وأما الأحاديث فمضطربة ومتعارضة، فقد روى الحاكم في السفينة، والعنسي في الإرشاد، وغيرهما، أنه ÷ قال لأمير المؤمنين #: «يا علي، إن المؤمنين إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوقٍ عليها رحائل الذهب، فتطير بهم إلى باب الجنة» الخبر بطوله ذكره في الأساس وشرحه، ونحوه كثير مما يدل بظاهره على عدم مرور على جسر، والتي فيها ما يدل على المرور عليه مضطربة أيضاً؛ لأن في بعضها ما يقتضي الخوف على المؤمنين، نحو ما رووه من قوله ÷: «يمد الصراط فيكون أول من يمر به أنا وأمتي، والملائكة بجنبيه أكثرهم يقول: سلم سلم»، وفي بعضها ما يقتضي عدمه، كما روي أنهم يمرون كالبرق وكالريح وأجاويد الخيل.
  وإذ تعارضت الأدلة فاللازم فيما المطلوب فيه الاعتقاد فقط هو الوقف، إلا أن القول الأول يرجح على ما عداه من حيث إن فيه حمل اللفظ على حقيقته، وهو الطريق، فيكون المراد من الصراط في الآخرة طريق أهل الجنة إلى الجنة، وطريق أهل النار إلى النار، وهذا لا يمكن إنكاره؛ لأن غاية ما في غيره الزيادة عليه، فليتأمل. ويجب الإيمان بالصراط والمرور عليه على الجملة، ولا مانع من أي الثلاثة الأقوال، والله أعلم بالحقيقة.