الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[ثبوت الشفاعة لنبينا محمد ÷]

صفحة 604 - الجزء 2

(فصل:) في الكلام في شفاعة النبي ÷

  الشفاعة مأخوذة من الشفع، وهو نقيض الوتر، ومنه قوله تعالى: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ٣ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ٤}⁣[الفجر].

  وفي عرف اللغة: هي ضم الشيء إلى غيره، ومنه ثبوت الشفعة الشرعية للشريك والجار فيما باعه شريكه أو جاره؛ لما كان أحق بضم المال المبتاع إلى ماله.

  وفي الاصطلاح: طلب نفع للغير أو دفع ضرر عنه ممن هو أعلى رتبة. فيخرج الطلب ممن هو أدنى فليس بشفاعة بل أمر، ويخرج الطلب للنفس فليس بشفاعة بل دعاء.

  قال #: (فإن قيل فما تقول في الشفاعة؟) والكلام عليها في طرفين: أحدهما: أنها ثابتة في الآخرة لنبينا ÷ بلا ريب، وعلى ذلك إجماع الأمة إلا ما يروى عن المطرفية. ثانيهما: في بيان من ينالها ومن يستحقها من أمته ÷.

[ثبوت الشفاعة لنبينا محمد ÷]:

  أما الطرف الأول فقد أشار إليه # بقوله: (فقل: أدين الله بثبوتها يوم الدين) وهو يوم القيامة، سمي يوم الدين لأن فيه يدان الخلق، أي: يجازون بأعمالهم. ونقل عن المطرفية أنه لا ثبوت لها، واحتجاجهم لذلك بأنه ÷ إن شفع في واجب فالله يفعله من دون شفاعة، وإن شفع في غير واجب: فإن كان دفع عقاب فلا يجوز، وإن كان تفضلاً فإن تفضل الله به فعله بلا شفاعة، وإن لم فلا ثمرة لها، فلزم أن لا ثبوت لها.

  والجواب عن ذلك: عدم تسليم الحصر فيما ذكروه؛ لأن النفع أعم مما ذكر؛ إذ يتناول المستحقَّ الواجبَ والزيادةَ عليه، فما المانع من أن الشفاعة لطلب الزيادة، وما ذكروه في التفضل مردود بأنه لا يمتنع أنه لا يفعله تعالى إلا بواسطة الشفاعة، وكذلك الواجب لا يمتنع أن للشفاعة تأثيراً في تعجيله وتوفيره وعدم