[الزامات: من جهة العقل في مسألة الشفاعة]
  رأيت أن هذه الآية ونحوها من قوله تعالى: {مَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ} لا دلالة فيها، والله أعلم.
  (و) مما يدل على ذلك من السنة أحاديث كثيرة، قد ذكرنا منها شطراً واسعاً في مسألة الإرجاء، فلا حاجة إلى إعادته، فليراجعه من أراد، ومنها: (قوله ÷: «ليست شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» وقد تقدم الكلام على هذا الحديث، وأنه رواه الحسن البصري، وهو ممن لا يختلف في توثيقه وضبطه، وكذلك تقدم الكلام على ما يحتج به المخالف أنه قال ÷: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»، من أن في رواية الحسن زيادة، والزيادة من العدل مقبولة، وأن ما احتج به المخالف مطلق يمكن تقييده بالتوبة ونحو ذلك، كما مر الكلام عليه في مسألة الإرجاء.
  (وقوله تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنْ ارْتَضَى) وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[الأنبياء ٢٨]، كما سبق تحقيق الاستدلال بها، (وكل ذلك يدل على ما قلنا) من أنه لا شفاعة لأهل الكبائر، بل هم من أهل النار مخلدون فيها، كما تقدم تقرير ذلك في مسألة الإرجاء.
[الزامات: من جهة العقل في مسألة الشفاعة]:
  يزيده وضوحاً من جهة العقل أن يقال لهم: أليس الفاسق عدواً لله ولرسوله ÷ يجب معاداته وبغضه والبراءة منه؟ فلا بد أن يقولوا: نعم، فيقال: لو شفع له النبي ÷ لكان محباً له موالياً له مخلاً بمعاداته، فبعداً له من مذهب يلزم منه سب النبي ÷.
  ويقال: انعقد الإجماع من الأمة على حسن الدعاء بأن الله تعالى يجعلنا من أهل الشفاعة، فإذا كان أهلها هم الفساق والبغاة والظلمة كان المعنى: اللهم اجعلنا من الفساق والبغاة والظلمة، فلا محيص من ذلك إلا بالقول بأن أهل الشفاعة هم المؤمنون دون غيرهم، وهم الفاسقون.