(فصل:) في الكلام في شفاعة النبي ÷
  بين الأمة، وأحوطها وأقربها إلى السلامة، سواء قدرنا صحة الحديث وتعيين الفرق كما قد ذكره بعض أئمتنا $ وغيرهم أم لا؛ إذ أقل أحوال الحديث التجويزُ للصحة، والخوفُ من الدخول في الفرق الهُلاّك؛ لأنه لا خلاف بين العقلاء أن التجويز والخوف من موجبات النظر والتثبت والتحرز عن الوقوع في الهلاك، وقد قال تعالى: {.. فَبَشِّرْ عِبَادِ ١٧ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الألْبَابِ ١٨}[الزمر]، فيجب على العاقل أن ينظر لنفسه طريقة السلامة ويتبعها، ويتجنب مظنات الهلكة والخطر ويباينها، ثم لا يُهَلِّك فرقة معينة من فرق الإسلام؛ لئلا يأتي يوم القيامة ولديه لأحد مظلمة، أو يحتاج في ذلك إلى موقف مخاصمة.
  وحينئذٍ فنقول وبالله التوفيق والهداية إلى خير طريق: لا شك أن آل محمد ÷ فرقة ناجية هادية إلى الحق وإلى الصراط المستقيم، وللتابع حكم المتبوع؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}[إبراهيم ٣٦]، فمن تابع آل محمد ÷ فلا شك في نجاته، ومن خالفهم فلا شك في هلاكه، لكن لا قطع في فرقة معينة أنها في الفرق الهُلاَّك؛ لاحتمال زيادة حسناتها على سيئاتها، فتكون مخالفة حينئذٍ لآل محمد ÷ من جهة وموافقة من جهة، وهي زيادة الحسنات على السيئات، فلا ينتج القطع بتهليك فرقة أو إنسان معين ما لم يعلم موته مُصراً على قتالهم والبغي عليهم.
  لا يقال: هذا بناء على القول بالموازنة، ولا يسلم صحتها.
  لأنا نقول: وإن لم يسلم صحتها فأقل أحوالها احتمال الصحة، فلا ينتج القطع مع الاحتمال.
  وإنما قلنا: «لا شك أن آل محمد ÷ فرقة ناجية هادية الخ» لدليلين: أحدهما من جهة العقل، والآخر من جهة النقل، أما العقل فلأنهم أخذوا في أصول دينهم بما هو موافق للأصول المجمع عليها بين الأمة، وما يعود عليها