[الجملة الثالثة: تتعلق بالإمامة والتفضيل]
  وذهب الأئمة $ وأتباعهم الكرام إلى خلاف ذلك، وأن علياً # هو الإمام وأفضل الأمة بعده ÷ بلا فصل، وبعده الحسنان، ثم أولادهما $، الكاملين العالمين العاملين إلى يوم الدين، وأنهم أفضل من سائر الأمة على الجملة.
  فينظر أي المذهبين أقرب إلى موافقة الجملة المجمع عليها، ولا شك أن تقديم المشائخ على علي # من باب تقديم الأبعد نسباً عن الرسول ÷، والأدنى علماً وورعاً، والأقل فضلاً وزهداً وحسباً، فينقض الأصل المجمع عليه في تلك الجملة، وهو أن الأقرب إلى رسول الله ÷، والأعلم بما جاء به، والسابق إليه، والعامل به أولى من غيره.
  وإنما قلنا: «إن الصحابة أجمعت على ذلك» لأنهم لما اختلفوا من الأحق بالإمامة احتج كل منهم بما ذكرنا من تلك الخصال، فاحتجت الأنصار بالإيمان بالرسول ÷ وإيوائه ونصرته، واحتج المهاجرون بقرب نسبهم إلى الرسول ÷ مع الإيمان والنصرة والسبق إلى الإسلام، واحتج أمير المؤمنين # ومن معه بجميع ما ذكر، فكان إجماعاً منهم الجميع على أن تلك الخصال هي الموجبة للتقديم والتفضيل، غير أنهم لم ينصفوه #، كما مر نقل ذلك مفصلاً، فكان تقديم غير علي # والتفضيل عليه نقضاً لذلك الأصل المجمع عليه، وتصحيح الإمامة في كل قريش نقضاً له أيضاً؛ لأن سائر بطون قريش أبعد نسباً عن الرسول ÷.
  وكذلك قولهم بتصحيح الإمامة في كل قريش يؤدي إلى نقض الأصل المجمع عليه من أن آل محمد ÷ تجب مودتهم ومحبتهم وإعظامهم، واحترام دمائهم وأموالهم وأعراضهم؛ لأنه إذا قام من نازعهم في الإمامة وحكمنا بصحة إمامته ولم يسلموا إليه الأمر جاز قتلهم وقتالهم، ووجبت معاداتهم والبراءة منهم، فيؤدي إلى نقض الجملة المجمع عليها من وجوب مودتهم ومحبتهم، واحترام دمائهم وأموالهم وأعراضهم، كما قد وقع ذلك من الدولتين الأمويين