الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الجملة الرابعة: تتعلق بالوعد والوعيد، والشفاعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمنزلة بين المنزلتين]

صفحة 621 - الجزء 2

  والعباسيين وسائر من نازعهم $ في الأمر، حتى قتلوا تحت كل حجر ومدر، واستبيحت أموالهم وأعراضهم، واستخف بحق رسول الله ÷ فيهم.

  بخلاف ما ذهب إليه الأئمة $ وأتباعهم الكرام من تقديم الوصي، وحصر الإمامة في أولاده الحسنين وذريتهما إلى يوم الدين، فهو لا يعود على تلك الجملة المجمع عليها بنقض ولا تفسيد، بل هو مؤيد لها أي تأييد.

[الجملة الرابعة: تتعلق بالوعد والوعيد، والشفاعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمنزلة بين المنزلتين]:

  أجمعت الأمة على أن الفاسق عدوٌ لله تعالى وعدوٌ لرسوله وعدوٌ للمؤمنين، وأنه لا تجوز محبته ولا تعظيمه، بل تجب معاداته والبراءة منه، وأنه يجب نهيه عن الفسق وأمره بالمعروف، وأذاه وزجره حتى يصلح، وأن أعداء الله ورسوله والمؤمنين مصيرهم (إلى)⁣(⁣١) النار وبئس القرار، ثم اختلفوا بعد ذلك: فذهبت المرجئة إلى أنه سيصير إلى الجنة وينعم ويخلد فيها على خلاف بينهم هل بعد دخوله النار أم لا، وأنه مؤمن، ولا يجوز أمره ونهيه إلا بالقول دون الضرب والقتال حتى يصلح، وأن النبي ÷ سيشفع له حتى يدخل الجنة وإن لم يتب.

  وذهب الأئمة $ وأتباعهم الكرام إلى العكس من ذلك كله.

  فينظر أي المذهبين أقرب إلى موافقة الجملة المجمع عليها، ولا شك أن قول المرجئة هو الأبعد عن محل الوفاق، وأن قول الأئمة هو الأقرب إلى موضع الاتفاق؛ لأن قول المرجئة ينقض الأصل المجمع عليه وهو أن الفاسق عدو لله، وأن أعداء الله في النار؛ حيث قالوا: إنه مؤمن، وإنه في الجنة. وينقض الأصل المجمع عليه من


(١) من مختصر الكاشف الأمين.