[دليل عقلي على نجاة الزيدية]
  وإرادته، فلا وجه لتهليكه، بل يجب الرضا بما يدين به الكفار ويرتكبه الجبابرة والفجار من جميع المعاصي؛ لأن ذلك كله بخلق الله وإرادته وقضائه وقدره. ولا ينقلب علينا هذا الإلزام؛ لأنا لم نقل بأصله الموجب له، وهو أنه تعالى خلق أفعال العباد وأرادها.
  لا يقال: وهم لا يلزمهم ما ذكرتم؛ لأنهم قد قالوا بتهليك من خالفهم من الزيدية والمعتزلة وجميع الملل الكفرية، وقولهم هذا ودينهم به واعتقادهم له هو بخلق الله وإرادته، فيكون حقاً وصدقاً، فيكونون محقين صادقين ناجين، فاندفع ما ذكرتم من هذا الإلزام.
  لأنا نقول: هذا باطل من وجهين:
  أحدهما: أنه إنما يندفع لو كان ما قالوه واعتقدوه ودانوا به من فعل الله وخلقه وبإرادته، ولا نسلمه، بل هو من إفكهم وبهتانهم وأقاويلهم الباطلة، فأوردنا عليهم ذلك الإلزام بناءً على أصلهم هذا الباطل المضمحل، ولا يلزمنا مثله؛ لأنا لا نقول بموجبه، وهو خلق أفعال العباد من جهة الله تعالى وإرادته لها، تعالى الله عن ذلك.
  الوجه الثاني: أنه لو كان الأمر كما ذكروا للزم التناقض والتدافع الذي لا يقوله عاقل؛ لأنه يؤدي إلى القول بنجاة كل فرقة وكل ملة من ملل الكفر نظراً إلى قول من يصوبها في دينها، ولو في تصويب الكفار والملاحدة ما هم عليه من الكفر والإلحاد، وإلى القول بهلاك كل فرقة وكل ملة نظراً إلى قول من يهلكها ويخطيها في دينها واعتقادها، فتكون كل فرقة من فرق الإسلام وكل ملة من ملل الكفر والإلحاد هالكة ناجية، وذلك من أمحل المحال وأقبح المقال، فبعداً للجبر وأصحابه، وترحاً له ولأربابه، ما أقبحه من مقال، وما أفضحه من خيال، وما يلزمه من ضلال، وما يصحبه من إفك وانفتال، وما يلحقه من عطب ووبال، وما يعقبه من شر ونكال.