[مسألة تحصيل الحاصل]
  الخامس: زعمت المجبرة أن الله تعالى هو المؤثر في مقدور العبد ولا أثر لقدرة العبد فيه، ذَكَرَ معنى ذلك شيخُنا ¦ في السمط، قال: وهو أصل الجبر، وسيأتي في بابه.
  السادس: زعم أبو القاسم البلخي من المعتزلة: أن الله تعالى لا يقدر أن يخلق فينا علماً ضرورياً فيما علمناه استدلالاً، وأن معرفة الخلق للباري تعالى في الآخرة استدلالية، ذكر معنى ذلك شيخنا ¦ في السمط، قال: وهذا بناءٌ على أصله أن المعارف استدلالية، وهو باطل.
  السابع: زعم القرشي صاحب المنهاج من أصحابنا وغيرُه من الزيدية والمعتزلة أن للقادر بكونه قادراً حالاً به فارق العاجز، وسووا في ذلك بين الباري تعالى وغيره من سائر القادرين، قالوا: والمرجعُ بذلك الحال إلى صفة يختص بها القادر. وقال أبو الحسين: المرجعُ بذلك إلى مزية يمتاز بها الباري تعالى عن غيره، وإلى صحة البنية وتناسب الأعضاء والطبائع فيمن عداه تعالى. والجمهورُ قالوا بمثل قول القرشي في الشاهد، فإن معنى كونه قادراً أنَّ به صفة يختص بها، وهي القدرة المحدثة القائمة بذات زيد حين أن حاول حملاً ثقيلاً فحمله، الخالية عن عمرو حين أن حاول ذلك الحمل فتعذر عليه، وليست نفس صحة البنية وتناسب الأعضاء والطبائع كما يقول أبو الحسين، بل أمر وجودي خلاف ذلك، قد يكون معه وقد لا كما في كثير من أهل الرفاهية يعجز عما يفعله غيره مع حصول ما ذكر. وأما الباري تعالى فهو قادر بذاته لا لأجل حال ولا لمزية، بل ذاته ø متمكنة من كل شيء بمجردها، لا لما ذكر ولا لغيره.
  وقالت المجبرة: بل القادر شاهداً وغائباً لا يكون قادراً إلا بقدرة هي معنى قائم به كما ذكرناه في الشاهد، ولكنها في الباري تعالى قديمة قائمة بذاته تعالى لا على وجه الحلول.