الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بيان أجناس المقدورات وأنواعها وتعدادها]

صفحة 125 - الجزء 1

  وهذا هو الزيغ الشديد والضلال البعيد؛ للزوم قيام المعاني بذاته وإثبات قديم سواه، وسيأتي تقرير القول المختار وإبطال جميع ما عداه في آخر الكلام على صفات الإثبات.

[بيان أجناس المقدورات وأنواعها وتعدادها]:

  الثامن: في بيان أجناس المقدورات وأنواعها وتعدادها:

  أما بيانها وتعدادها فهي ثلاثة وعشرون جنساً: الأجسام، والألوان، والروائح، والطعوم، والحرارة، والبرودة، والرطوبة، واليبوسة، والحياة، والشهوة، والنفرة، والفناء، والقدرة، فهذه ثلاثة عشر لا يقدر عليها إلا الله تعالى. وخالف قومٌ في بعض الألوان والحرارة، فادعوا قدرة العبد على ذلك، كتبييض الناطف⁣(⁣١) عند الضرب، وتسويد الحبر عند خلط العَفْص⁣(⁣٢) والزاج⁣(⁣٣)، ووجود الحرارة عند حك إحدى الراحتين بالأخرى، فقالوا: إن ذلك متولد من فعل العبد، والمتولد من فعلٍ مفعولٌ لفاعل ذلك الفعل.

  قلنا: لا يسلم، بل يحدثه الله تعالى عند ما ذكر لمصالح عباده. وهذا الجواب أولى من الجواب الذي في القلائد أن ذلك لَوْنٌ كان كامناً فبرز؛ لِمَا فيه من مشابهة قول أهل الكمون والظهور.

  والعشرة البقية: الأكوان، والاعتمادات، والتأليفات، والاعتقادات، والإرادات، والكراهات، والظنون، والأفكار، والأصوات، والآلام، فهذه العشرة مقدورة لله تعالى وللعباد؛ لتمكينه تعالى إياهم منها. ولا يشكل عليه عد الظنون منها مع أن الله تعالى متعال عن الظنون؛ لأن المراد قادريته تعالى على إيجاد ذلك في غيره كالشهوة والنفرة.


(١) الناطف: نوع من الحلوى سمي بذلك لأنه ينطف قبل استضرابه، أي: يقطر. (المصباح المنير).

(٢) العفص: الذي يتخذ منه الحبر، مولد وليس من كلام أهل البادية. (صحاح).

(٣) الزاج: يقال له: الشب اليماني، وهو من الأدوية، وهو من أخلاط الحبر. (لسان).