[الفصل الثالث: في صفة خروجه واستشهاده #]
  فاسلبه ملكه، وإن يوسف بن عمر أحرق زيداً اللهم فسلط عليه من لا يرحمه، اللهم أحرق هشاماً في حياته إن شئت وإلا فأحرقه بعد موته، قال: فرأيت هشاماً والله محرقاً لما أخذ بنو العباس دمشق، ورأيت يوسف بن عمر مقطعاً، على كل باب من أبواب دمشق منه عضو، فقلت: يا أبتاه، وافقت دعوتك ليلة القدر، فقال: يا بني لا، بل صمت ثلاثة أيام من شهر رجب وثلاثة أيام من شهر شعبان، وشهر رمضان، وكنت أصوم الأربعاء والخميس والجمعة، ثم أدعو الله عليهما من صلاة العصر يوم الجمعة حتى أصلي المغرب.
  وبعد قتل زيد انتقض ملك بني أمية وتلاشى إلى أن أزالهم الله تعالى ببني العباس، قال: ولما قتل الإمام سودت الشيعة، أي: لبست السواد، وكان أول من سود على زيد شيخ بني هاشم في وقته الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، ورثاه بقصيدة طويلة، وشعره حجة احتج به سيبويه، توفي سنة تسع وعشرين ومائة، ثم قال عند ذكر المشاهد في مصر: قال القضاعي: مسجد محرس الخصي بني على رأس زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب حين أنفذه هشام بن عبد الملك إلى مصر، ونصب على منبر الجامع(١)، فسرقه أهل مصر ودفنوه في هذا الموضع، ثم قال المقريزي: وهذا المشهد باق بين كيمان مدينة مصر يتبرك الناس بزيارته ويقصدونه، لا سيما يوم عاشوراء، والعامة تسميه زين العابدين، وهو وهم، وإنما زين العابدين أبوه، وليس قبره بمصر، بل قبره بالبقيع، وذكر ابن عبد الظاهر أن الأفضل بن أمير الجيوش لما بلغته حكاية رأس زيد بن علي أمر بكشف المسجد، وكان وسط الأكوام، ولم يبق من معالمه إلا محراب، فوجد هذا العضو الشريف، (قال محمد بن منجب الصيرفي: حدثني الشريف فخر الدين أبو الفتوح ناصر الزيدي
(١) في الخطط للمقريزي: على المنبر بالجامع.