الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[ما يجوز على الله من الأسماء بمعنى قادر وما لا يجوز]

صفحة 128 - الجزء 1

  بالنقضِ والإبطالِ، وما عاد على الغرض المقصود بالنقض والإبطال فهو بالإبطال أولى.

  بيانه: أنه إذا كان ذلك الفعل أو المفعول في الأزل فقد كان قديماً مستغنياً عن الفاعل القديم، ومتى كان الحال كذلك لم يكن أحد القديمين بأن تُدَّعَى له القادرية على الآخر بأولى من العكس، فتكون دعوى ذلك لأحدهما دون الآخر تخصيصًا بلا مخصص وترجيحًا بلا مرجح، وذلك باطل بلا ريب، وهذا واضح لمن تأمل كما ترى، فتأمل.

  وثمرةُ هذا البحث التمكنُ من وصف الله سبحانه بأنه قادر فيما لم يزل، مع التَّمكن مِن إبطالِ قول من يذهب إلى قدم العالم مع قوله: إنه تعالى فاعله وصانعه، وبالله التوفيق.

[ما يجوز على الله من الأسماء بمعنى قادر وما لا يجوز]:

  العاشر: في معرفة الأسماء التي تجري على الله تعالى بمعنى قادر، ومعرفة ما لا يجوز منها.

  اعلم أوَّلًا أن العلماء اختلفوا هل الأسماء في حق الله سبحانه وتعالى توقيفية على السمع - بمعنى أنه لا يجوز أن يطلق عليه تعالى منها إلا ما ورد السمع به وما لا فلا - أم ليست كذلك، بل ما حصل معناه في حق الله تعالى حقيقة، وكان ذلك اللفظ يطلق في أصل اللغة على ذلك المعنى بالحقيقة - فإنه يجوز إطلاقه على الله تعالى حقيقة ولا يفتقر إلى إذن سمعي، فقال أئمتنا $ ومَن وافقوهم من الزيدية والمعتزلة بالثاني⁣(⁣١)، وذهبت الأشعرية والمحدثون ومَن وافقهم إلى الأول⁣(⁣٢).

  قلنا: يلزم أنَّ مَن عرفه تعالى قبل مجيء الرسل إليه أن لا يسميه تعالى بأنه قادر


(١) أي: ليست توقيفية.

(٢) أي: توقيفية.