[ما يجوز على الله من الأسماء بمعنى قادر وما لا يجوز]
  عالم حي موجود قديم، وذلك معلوم البطلان، وأيضاً فإنْ أُريدَ بالسمع المتواتر فليس إلا القرآن، وليس فيه أنه تعالى يسمى موجوداً قديماً، وإنما علم ذلك عقلاً؛ لحصول المعنى المطابق للغة، وهو أن الموجود ما ظهر أثره، والقديم هو الموجود الذي لا أول لوجوده، فكان يلزم المخالف أن لا يطلق هذين الاسمين عليه تعالى، مع أنهما من أَجَلِّ أسمائه الحسنى. وقد تجاهل بعضُ أهل عصرنا مِمَّن يذهب إلى أن الأسماء توقيفية لَمَّا ألزمته ذلك فقال: لا نسميه تعالى موجوداً ولو كان موجوداً. وهذه جهالةٌ مفرطة سببُها الرغوب عن هذا الفن الشريف.
  إن قيل: ما هي النكتة والسر في عدم ورود ذينك الاسمين الجليلين في القرآن الكريم؟
  قلنا: أما موجود فلأنه لَمَّا كان القرآن مملوءًا من نحو: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}، {خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ}[الروم ٤٠]، ومِن نحو القادر العالم الحي، فكان الإخبار مع ذلك بأنه تعالى موجود كالإخبار بأن السماء فوقنا والأرض تحتنا، وأن العشرة زوج، ونحو ذلك من الأمور المعلومة ضرورة، فالخبر بذلك مستهجن لا يرد في الكلام الفصيح البليغ، فلو ورد لجعله أهل الزيغ ذريعة إلى القدح في كلام الحكيم، فأحال سبحانه العلم بذلك إلى ما تدركه العقول عند سماع تلك الألفاظ الواردة ونحوها مما ذكر في القرآن، وما تدركه عند التفكر في صنعه تعالى، حيث تعلم بالتفكر أنه تعالى قادر عالم، فتعلم معه ضرورة أنه تعالى موجود، ألا ترى إلى قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}[الطلاق ١٢]، لو قال بعد ذلك: «وتعلمون أنه موجود» لكسب الكلام ضعفاً وسماجة تذهب بفصاحة الآية من أولها، وتنقض بلاغتها من موصلها. وأما قديم فقد أورد ما في معناه فأغنى عن ذكره، ولأنه قد يطلق في اللغة على ما تقادم وجوده بعد أن كان