فصل: في الكلام في أن الله تعالى قادر
  معدوماً، كقوله تعالى: {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}[يس ٣٩]، فلو ورد بهذا اللفظ لكان لأهل الزيغ مجال في الطعن على القرآن وإنْ أريد به المعنى الصحيح، فاستغني بما في معناه - وهو الأول - وقرن بالآخِر ليدل على أنه لا يصح عليه العدم، فيلزمُ وصفه تعالى بالقدم.
  وإن أريد بالسمع غير المتواتر لزم جواز إطلاق كل ما روي عن الرسول ÷، ولعل فيه ما لم تصح روايته، وذلك خطر؛ لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ} إلى قوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}[الأعراف ٣٣].
  وأما المجاز فلا يجوز إطلاقه على الله تعالى إلا بإذن سمعي، فإن أوهم الخطأ أقر حيث ورد ولا يقاس عليه غيره. ولا يشتق له اسم مما ورد بصيغة الفعل، نحو: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ}[الأنفال ٣٠]، {اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}) [البقرة ١٥]، فلا يقال له تعالى: ماكرٌ ومستهزِئٌ ونحو ذلك.
  إذا عرفت ذلك فالذي يجري على الله تعالى من الأسماء بمعنى كونه قادراً: القدير، والمقتدر، والقوي، والمقيت. وقيل: إن معنى المقيت خالق الأقوات، فيكون صفة فعل لا صفة ذات؛ إذ يصير بمعنى فاعلٍ لا بمعنى قادرٍ. والأظهر هو الأول، وهو أنه بمعنى قادر على خلق الأقوات.
  والقاهر، والغالب، والظاهر، والملك، والمليك، والمالك عند القاسِمَين والمهدي والشيخين، وقال غيرهم - قال شيخنا ¦: وهو صريح قول علي # -: صفة فعل لا تفيد الثبوت في الأزل.
  قلت: قد مَرَّ ما يفيد أن المالك بمعنى كون المملوك له. وأما الملك والمليك فهما مبالغة في مالك فلا فرق بينهما، لكن لا مانع من دلالة الثلاثة على معنى قادر بالالتزام لا بالمطابقة كما مر.
  والرَّبُّ عند القاسمين والمهدي $، وقال البلخي: صفة فعل من التربية،