الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في أن الله تعالى قادر

صفحة 132 - الجزء 1

  في الجهة والمكان؛ لإيهام الجسمية. وكذلك العظيم والكبير والجليل لا يجوز إطلاقها عليه تعالى بمقابل ما يضاددها في اللغة، وهو حقر الجسم وصغر السن؛ لإيهام التجسيم والحدوث، وإنما المراد بها وصفه تعالى بالكمال والعظمة والجلال، فلا يغالبه مغالب، ولا يعجزه شاهد ولا غائب.

  قال القرشي ¦: ومنها الجبار، وهو أبلغ من العزيز، مأخوذ من قولهم: نخلة جبارة، إذا فاتت اليد وامتنعت من أن تُنال. وقيل: مأخوذ من الجبر، وهو الإصلاح، فيكون من صفات الأفعال. قال شيخنا ¦: ولا يجوز أن يطلق عليه متجبر بمعنى جبار.

  قلت: لأن معناه السابق إلى الفهم المتغلبُ بما لا ينبغي، فيوهم القدح في عدله وحكمته، فأما لو قصد به ما قصد بمعنى متكبر فلعله لا مانع - والله أعلم، إلا أن يفرق بينهما بأنَّ السابق إلى الفهم من متجبر هو ما ذكر، ولا يصير بمعنى متكبر إلا بنقل واستعمال آخر، فيكون مجازاً ويحتاج إلى القرينة - استقام؛ ولهذا لم يرد في السمع في أسمائه تعالى الحسنى مع كثرتها، وهذا هو الظاهر، والله أعلم.

  قال القرشي ¦: ومنها: الإله، معناه: القادر على أصول النعم التي لأجلها تحق له العبادة.

  قلت: الأظهر أن الإله يفيد وصفه تعالى بجميع صفات الكمال: من أنه قادر على كل المقدورات، عالم بكل المعلومات، حي دائم لم يزل ولا يصح خروجه عن ذلك بحال من الأحوال، فهو أعم من قادر، فيدل عليه بالتضمن لا بالمطابقة. قال ¦: قيل: ولهذا - يعني كونه بمعنى القادر على أصول النعم - لا يوصف بأنه إله إلا لمن تصح عليه النعم كالأحياء، فلا يقال: إنه إله الجمادات والأعراض، فيحمل قولهم: إله السماوات والأرض على حذف المضاف، تقديره إله أهل السماوات والأرض. وهذا غير واضح. قال: ومثله قولنا: الله. يعني أنه بمعنى القادر، وقد مرَّ أنه اسم لله تعالى بإزاء صفات الكمال المذكورة في الإله،