الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في أن الله تعالى عالم

صفحة 142 - الجزء 1

  {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}⁣[طه ٤٦]، وقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}⁣[الحديد ٤].

  قال الأولون: ولا نسلم اشتراط لفظه الخاص. قال شيخنا ¦ ما لفظه: قلت: بل جاء في السنة بلفظه، وفي كلام المعصوم #: «وإنه لَبِكُلِّ مكان، ومع كل إنسٍ وجان». قال: وفي الآحادي المتلقى بالقبول لفظه. انتهى كلامه، والمسك ختامه.

  قلت: ومما يدل على ذلك ما أخرجه الإمام علي بن موسى الرضا @ عن علي #: قال موسى: يا رب، أقريب فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ قال: يا موسى، أنا جليس من ذكرني».

  وأخرج القاضي عن عبادة قال ÷: «إن مِن أفضل إيمان المرء أنْ يعلم أنَّ الله معه حيث كان».

  وقال أمير المؤمنين #:) لا يخلو منه مكان، ولا يتبدل عنده زمان)، إلى غير ذلك. وأشار المؤلف # إلى أن معنى الآية المذكورة ونحوها مما ذكر وقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ}⁣[الأعراف ٧]، {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} إبراهيم ٤٢] إنما ذلك تمثيل لعلمه تعالى وتدبيره واقتداره - بقوله: (بعلمه لا يلاصقهم وهو ساخط عنهم ولا يفارقهم) لعل أن في ذلك تقديمًا وتأخيرًا من جهة أحد النسخ، وأن الأصل: «لا يلاصقهم ولا يفارقهم وهو ساخط عنهم»، يعني أنهم في حال أن يعملوا ما يسخطه تعالى من المعاصي لا يكون ذلك سبباً لمفارقتهم، وكذلك العكس، وهو ما إذا عملوا ما يرضيه من الطاعات لا يكون سبباً لملاصقتهم؛ لأن الملاصقة والمفارقة من صفات الأجسام المحدثة، وهو متنزه عن ذلك، وإنما لم يقل: «وهو راض عنهم» استغناء واستكفاء بما ذكر في الثاني من قوله: «وهو ساخط عنهم» إيثاراً للاختصار، واستعمالاً للحذف الذي هو أحد