الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في أن الله قديم

صفحة 201 - الجزء 1

  معه تعالى التعداد إلى ثلاثة في الخطأ إلا دون من يثبت معه التعداد إلى ثمانية، والمشهور عند أئمة النقل عنهم أنهم يقولون: إن الاثنين الآخرين صفتان له تعالى، ويقولون: إنه تعالى واحد على الحقيقة، ثلاثة أقانيم على الحقيقة: أقنوم الأب، وهو ذات الباري بزعمهم، وأقنوم الابن، وهو الكلمة، وقيل: العلم، وأقنوم روح القدس، وهو الحياة، واتفقوا على أنه لم يزل الأب أباً والابن ابنا، وروح القدس قابضة بينهما، وإذا كان الأمر كذلك فليس يبقى بين قولكم وقولهم في إثبات العلم والحياة والكلام الذي عبروا عنه بالكلمة خلافٌ، إلا أنكم زدتم عليهم بإثبات القدرة والإرادة والكراهة والإدراك حتى أنهيتم الزيادة عليهم بأن صار الباري تعالى على قولكم ثامن ثمانية.

  فإن قيل: إنما كفر الله تعالى النصارى لجعلهم المسيح وأمه إلهين، فصار ثالث ثلاثة بهذا الاعتبار.

  قلنا: هذا وجه آخر مما كفرهم الله تعالى به، ولا ينافي ما صححه عنهم أئمة النقل، قال الإمام يحيى بن حمزة #: واعلم أن الأشبه عند التحقيق أن مراد النصارى من هذه الأقانيم التي زعموها هو هذه المعاني التي أثبتها هؤلاء الأشعرية، وبيانه: أن النصارى يعتبرون في تقرير مذهبهم شرائط ثلاث:

  الأولى: وحدة الذات، فإن عندهم أن الله تعالى واحد بالجوهرية.

  الثانية: أن الصحيح من مذهبهم أن هذه الأقانيم ذوات مستقلة بأنفسها ليست من قبيل الأحوال والصفات، بل ذوات على حيالها منفردة.

  الثالثة: أن هذه الأقانيم متعددة في أنفسها، وأعدادها ثلاثة كما سبق.

  وهذه الشرائط لا توجد على الكمال إلا في مذهب الأشعرية، فإن ذات الله عندهم هي أصل لهذه المعاني وهي⁣(⁣١) غير متعددة، وزعموا أن هذه المعاني


(١) أي: ذات الله. (منه).