الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في أن الله قديم

صفحة 204 - الجزء 1

  صفات ذاته التي تثبت له تعالى لأجل قدمه: من كونه قادراً على كل شيء، وعالماً بكل شيء، وحيًّا دائماً لم يزل ولا يزول، فتكون تلك المعاني حينئذ آلهة مع الله، تعالى الله عن ذلك.

  وبعد، فما جَعْل أحد القدماء موصوفاً والبقية صفات بأولى من جَعْل أحد الآخرات كذلك، ولا جعل أحدها قدرة والآخر علماً ونحو ذلك بأولى من العكس، ولا جعل تلك المعاني قائمة به تعالى بأولى من العكس و لا من أن يقوم بعضها ببعض، فلا بد من تقدير فاعل فعل هذا قائماً بهذا دون العكس ودون أن يقوم بغيره، فيخرج الكل عن القدم، ويفتقر الجميع إلى فاعل تاسع قادر عالم حي الخ، ويقال فيه ما قيل فيما قبله ويتسلسل، أو يكون قادراً عالماً حياً لذاته فيجب الاقتصار عليه من أول وهلة.

  وقد قلت أبياتاً من قصيدة بعد كلام فيها في العدل رادًّا على الأشاعرة في معنى هذه الجملة، وهي:

  فهذا العدل والتوحيد فيه ... عجيب من عجائب ذا المُشَاققْ

  فقد جعلوا قديمات معان ... مع الله وما عنه تُفارقْ

  وعدوها صفات الله سبعاً ... وثامنها هو الله المُوافقْ

  فما الرحمن حينئذ بواحد ... ولا عنها غني ولا مُفارقْ

  فمن رَكَّب وأَلَّف بين هذا ... إلى هذا ويجعله مُناسقْ

  أليس الله خالق كل شيء ... وعنه غني سابق لا مُوافقْ

  أليسوا أحوجوه إلى المعاني ... فما توحيدهم لفظاً مُطابقْ

  ويقال لهم: ما تقولون فيمن وَجَّهَ عبادته إلى كل قديم أيكفر أم لا؟

  إن قلتم بالأول قلنا: ما وجهه وهو لم يعبد غير الله تعالى حيث قلتم: إن هذه المعاني ليست غيره ولا هي هو؟

  وإن قلتم بالثاني قلنا: فلم لا يكفر من عبد ثمانية؟ أليس قد انعقد الإجماع